صفحة:الديمقراطية في الإسلام (1952) - العقاد.pdf/132

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

۱۳۸ أن السلطة لا غنى عنها لإنجاز وعود المصلحين ودعاة الانقلاب ومن تلك التجارب تجربة فرنسا في القرن الماضي وتجربة روسيا في القرن الحاضر ، وتجربة مصطفى كمال في تركيا ، وتجارب سائر الدعاة من أمثاله في سائر البلاد ، فحاربة السلطة بالقوة غير محاربة الفكرة بالقوة ، ولا بد من التمييز بين العملين لأنهما جد مختلفين » . وينبغي للمؤرخ المنصف أن يذكر أن المسلمين كانوا ضحية السيف قبل أن يغلبوا به أعداءهم ، فكان الإقناع سابقاً للدفاع ، ولم يأت الدفاع ، إلا حين يطل الإقناع . فإذا جاء القتال بعد رفض الدعوة ورفض المعاهدة فالاعتراض عليه إنما هو اعتراض على كل دعوة من أساسها ، وإنما هو رأى ينهى كل مصلح أن يخرج لدعوة إصلاح ، ولا نكران أن الإسلام يأبى هذا الاعتراض ويأتي هذا النهي ، لأن الدعوة إلى الخبر واجبة فيه على كل بيئة وبين كل طائفة ، لا استثناء في ذلك للطوائف الإسلامية ولا لغيرها بل هو شرع جهاد الفقه والعلم إلى جانب جهاد السيف والقوة ، وجاء في الكتاب العزيز : « وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين » . . . . . . وليس أكثر من الآيات والأحاديث التي توجب على المجتمع الإسلامي أن تكون منه أمة « يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر » ويذكرون أبداً أن من قبلهم هلكوا لأنهم « كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون »