صفحة:الديمقراطية في الإسلام (1952) - العقاد.pdf/125

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ولكن الأمر لا ينتهى عند نصوص الشرع والقانون ولا يزال الحاكم المسلم مطالباً بالمجاملة وحسن المعاملة في غير ما بينته النصوص وفصلته العهود ، فيقول النبي عليه السلام : « من قذف ذميا حد له يوم القيامة بسياط من نار »، ويقول أيضاً : « من آذى ذميا فقد آذاني» و يقول في موضع آخر : «من ظلم معاهداً وكلفه فوق طاقته فأنا خصمه يوم القيامة» ولا ينسى الخليفة هذه الأحاديث وهو يكتب وصاياه إلى ولاته، فيذكر الفاروق بها عمرو بن العاص ويقول له في كتاب منه إليه: « إن معاك أهل الذمة والعهد . . . فاحذر ياعمرو أن يكون رسول الله خصمات » . قال البلاذرى إن عمر لما ذهب إلى الشام « عند مقدمه الجابية من أرض دمشق مر بقوم مجذومين من النصارى فأمر أن يعطوا من الصدقات وأن يجرى عليهم القوت . ورأى شيخاً يهوديا يتكف ف فأمر له برزق يجريه عليه من بيت المال وقال له : « ما أنصفناك يا هذا . أخذنا منك الجزية فتى وأضعناك شيخاً » 6 وقد أبيح لأهل الذمة بناء الكنائس والبيع وإقامة الشعائر في ديارهم ، فلا يمنعون منها إلا ما يعطل شعائر الإسلام ويجور عليها ، ولا يكلفون العزلة إلا دفعاً للشبهة التي تبيح الحكومات الحديثة ما هو أشد من العزل والتمييز في الحل والسفر . ومن المعلوم أن المسلم مأمور بتصديق جميع الأنبياء من قبل نبي الإسلام عليه السلام : « قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم