صفحة:الخيال في الشعر العربي.pdf/86

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
-٨٦-

مظاهرها فكانوا أكثر ممن تقدمهم تفننا في صناعة التشبيه والاستعارة وما يلحق بهما من تصرفات الخيال كالتورية والمقابلة وحسن التخلص من غرض الى آخر . وهذا لا يمنعك أن تقضى للسابقين بأنهم أقوى عارضة وأدرى بصناعة الشعر من ناحية سبك الالفاظ ومتانة بنائها وبعد أن على الناس بالنظر في شؤون الكون وسلكوا في البحث عن أسراره طريقاً فلسفيا أخذ الخيال الشعري يعمل في الحقائق الفلسفية ويجرى وراء الفكر كالمسعف له في تصوير تلك المعاني الغامضة كما تراه في مثل قصيدة ابن سينا في النفس المفتتحة بقوله هبطت اليك من المحل الارفع ورقاء ذات تعزز وتمنع وقصيدة المعري المفتتحة بقوله غير مجد في ملتى واعتقادی نوح باك ولا ترنم شاد وقول أبي بكر بن الطفيل يصف حال الروح والجسد نور تردد في طين الى أجل فانحاز علوا وخلى الطين للكفن