صفحة:الخيال في الشعر العربي.pdf/43

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
-٤٣-

الدولة بالعقوبة عليها - يشعر أن الباعث له على انشائها التلهف والاخلاص

ولو نظرت الى القصائد التي يخاطب بها الشعراء الملوك تهنئة بانتصار أو فتح وقستها بالقصائد التي يخاطبونهم بها تهنئة بعيـد مثلا أو بمولود أو بناء قصر لوجدت الاولى أجود خيالا لان انتصار الدولة مما يبذر في نفوس الامة فرحا ويثير فيها عاطفة اجلال لمن جرى النصر على يده وليست الثانية بهذه المكانة اذ طلوع العيد على الامير وازدياد ولد له أو تشييده لقصر لا تهتز له نفس الشاعر حتى تطير به في جو الخيال، ويقتنص ما يلذه الذوق من بدائع الافكار . وانظر ان رمت الوثوق بهذا إلى قصيدة أبي تمام التي يهنئ فيها المعتصم بفتح عمورية

السيف أصدق أنباء من الكتب
في حده الحد بين الجد واللعب

فانه ذهب بمعانيها مذاهب خيالية لا تطلع له على ما يحاكيها في القصائد التي لم يستفزه لها غير ما يرجوه من النوال

وكذلك الشاعر الذي يريد أن يتبرأ من جناية تعزى اليه أو يحاول أن يزيل ما في نفس السلطان من ضغينة أو نية سيئة فانه يبتكر من المعاني ما لا يبتكره في القصائد التي يمدحه بها وهو مقبل عليه