صفحة:الخيال في الشعر العربي.pdf/14

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
-١٤-

ان هذا الشاعر قد تخيل الأغوال وأنيابها ولم تسبق له معرفة بها اذلا أثر للغول وأنيابها ولا لشئ من موادها في العيان فيلوح لك أن هذا التصرف يقدح في قولنا ان المخيلة لا تؤلف الصور الا من مواد عرفتها بوسيلة الحس أو الوجدان

والذي يكشف الشبهة ان كلا من الغول وأنيابها صورة وهمية ولكن لم يحدثها الخيال من نفسه بل أخذ من الحيوانات الفظيعة المنظر أعضاء متفرقة وأنياباً حادة وتصرف فيها بالتكبير ثم ركبها في صورة رائعة وهي التي تخطر في الذهن عندما يذكر اسم الغول. حتى أن الناس لا ينفقون فيما أحسب على كيفية تصور هذا الامر الموهوم فكل يخطر له المعنى في أبشع صورة يتمكن خياله من جمعها وتلفيقها

فغاية ما صنع الشاعر أن عمد لامر محسوس وهي النصال المحدده وتخيله في صورة أمر هو في نفسه خيالى ولكن صورته مأخوذة من مواد كان يعرفها من قبل بطريق الرؤية أو السماع

وتعتمد المخيلة على قوة التذكر وهو تداعى المعانى وخطورها على الذهن بسهولة. وبعد أن تتراءى لها الصور بوسيلة التذكر تستخلص منها ما يلائم الغرض وتطرح مازاد على ذلك فتفصل الخاطرات عن أزمنتها أوما يتصل بها مما لا يتعلق به القصد من