انتقل إلى المحتوى

صفحة:الإسلام وأصول الحكم -علي عبد -الرازق 1925.pdf/47

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۲۳- ذلك وقد توافرت عندهم الدواعي التي تدفعهم إلى البحث الدقيق في علوم السياسة، وتظاهرت لديهم الاسباب التي تعدهم للتعمق فيها (٤) وأقل تلك الأسباب أنهم مع ذكائهم الفطرى ، ونشاطهم العلمى ، كانوا مولعين بما عند اليونان من فلسفة وعلم ، وقد كانت كتب اليونان التي انكبوا على ترجمتها ودرسها كافية في أن تغريهم بعلم السياسة ونحبه اليهم ، فان ذلك العلم قديم ، وقد شغل كثيراً من قدماء الفلاسفة اليونانيين ، وكان له في فلسفة اليونان ، بل في حياتهم ، شأن خطير (ه) وهناك سبب آخر أهم : ذلك أن مقام الخلافة الاسلامية كان منذ الخليفة الأول، أبي بكر الصديق ، رضى الله تعالى عنه ، الى يومنا هذا ، عرضة للخارجين عليه ، المنكرين له ، ولا يكاد التاريخ الاسلامى يعرف خليفة الا عليه خارج ، ولا جيلا من الاجيال مضى دون أن يشاهد مصرعاً من مصارع الخلفاء نعم ربما كان ذلك غالباً شأن الملوك في كل أمة وكل ملة وجيل ، ولكن لا نظن أن أمة من الام تضارع المسلمين في ذلك ، فان معارضتهم للخلافة نشأت إذ نشأت الخلافة نفسها ، وبقيت ببقائها ولحركة المعارضة هذه تاريخ كبير جدير بالاعتبار . وقد كانت المعارضة احياناً تتخذ لها شكل قوة كبيرة ، ذات نظام بين ، كما فعل الخوارج فى زمن على بن ابى طالب ، وكانت حيناً تسير تحت ستار الانظمة الباطنية ، كما كان الجماعة الاتحاد والترقي مثلاً ، وكانت تضعف أحياناً حتى لا يكاد يحس لها وجود ، وتقوى احيانا حتى تزلزل