صفحة:الأصمعي حياته وآثاره (1955) - عبد الجبار الجومرد.pdf/25

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

من لباس وطعام وأشياء أخرى وكانوا يسمونه « سوق الأبل » ثم اطلق عليه اسم «المربد » ، وبنيت فيه البيوت كما تبني في الضواحي

عرف هذا السوق من يوم تأسيس البصرة فلم يطل عليه الزمن حتى عرف واشتهر ، وصار مركزاً اجتماعيا وسياسياً وأدبياً على طراز أسواق العرب في الجاهلية ؛ تلقى فيه الخطب ، وتنشد فيه القصائد والاراجيز ، وتتكتل فيه الجماهير المعنية بالسياسة عند المناسبات وقد لعب في العهد الأموي ادواراً خطيرة في سياسة الدولة ؛ إذ كان يرد اليه الشعراء الكبار امثـال الفرردق وجرير وراعي الابل والطرماح وغيرهم ، ويؤمه الخطباء المفوهون امثال سحبان وائل وخالد بن صفوان وغيرهما فينتحي كل منهم زاوية خاصة به ، ويلتف حولهم الناس ليسمعوا قصائدهم الغراء ، او خطبهم الفياضة في تأييد سياسة الدولة أو معارضتها ، وفي هجاء بعضهم قبائل البعض الآخر ، أو في تأييد مذهب دون غيره ، الى آخر ما هنالك النزعات المتضاربة في ذلك العهد فمن شاعر اموي الهوى ، الى آخر علوي المذهب ، او خارجي النزعة ، أو عباسي الدعوة ، او زبيري الفكرة ، أو غير ذلك وكان هذا الانتاج الفكري يحفظه الرواة وينقلونه الى مجالس المدن والحواضر ومنتدياتها ، فيتحدث بها الرأي العام من }} وتركزت ، وضعف شأن وتبـدل جو ذلك الصراع فلما انطوى عهد بني أمية ، وانتشرت راية بني العباس ، دولتهم في العراق ، خمدت جذوة السياسة في سوق المربد الخطابة فيه ، وتقلص ظل الشعر السياسي عنه ، الفكري بجو آخر يعنى بالبحوث الأدبية واللغوية ، فامتلأت جوانب السوق بالباحثين عن اللغة الفصيحة ، والشعر الغريب والقديم ، والأخبار والأنساب والنادرة والحكمة وغمرت المربد موجات من طلاب العلم في مسجد البصرة ی (