صفحة:الأرواح المتمردة (1908) - جبران خليل جبران.pdf/194

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
178

يكن يميز نفسه عن الواحد منهم إلا بمحبته ونشاطه منذ تلك السنة إلى أيامنا هذه أصبح كل فلاح في تلك القرية يشتغل بالفرح الحقل الذي زرعه بالاتعاب ويجمع بالمسرة أثمار البستان الذي غرسه بالمشقة. فصارت الأرض ملكا لمن يفلحها والكروم نصيباً لمن ينقبها ويحرثها والآن قد انقضى نصف قرن على هذه الحادثة. وراودت اليقظة أجفان اللبنانيين. يمر المسافر على طريقه إلى غابة الأرز ويقف متاملاً بمحاسن تلك القرية الجالسة كالعروس على كتف الوادي فيرى اكوخها قد صارت بيوتا جميلة مكتنفة بالحقول الخصبة والحدائق الناضرة. وإن سأل أحد سكانها عن تاريخ الشيخ عباس يجيبه مشيراً نحو حجارة منقوضة وجدران مهدومة وأعمدة مرتمية قائلاً „ هذا قصر الشيخ عباس وهذا هو تاريخ حياته ”. وإن سأله عن خليل يرفع يده إلى العلاء قائلاً „ هناك يسكن خليلنا الصالح أما تاريخ حياته فقد كتبه آباؤنا بأحرف من شعاع على صفحات قلوبنا فلن تمحوه الأيام والليالي ”