صفحة:الأرواح المتمردة (1908) - جبران خليل جبران.pdf/174

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٥٨

(لا تدينوا لِئَلَّا تدانوا) ولكنه يدين بقساوة جميع الذين يسخرون بمكارهه ويبعث بأرواحهم إلى الجحيم قبل أن يبعدهم الموت عن هذه الحياة.. يحدثكم رافعًا عينيه بين الآونة والأخرى نحو العلاء أما فكرته فتظل منسابة كالأفعى حول جيوبكم.. يناديكم بقوله لكم (يا أولادي ويا أبنائي) وهو لا يشعر بالعاطفة الأبوية ولا تبتسم شفتاه لرضيع ولا يحمل طفلًا على منكبيه، ويقول لكم هازًّا رأسه بتخشع (لنترفعن عن العالميات لأن أعمارنا تضمحل كالضباب وأيامنا تزول كالفيء)

وإذا نظرتم جيدًا رأيتموه متمسكًا بأذيال الحياة متشبثًا بأهداب العمر، متأسفًا على ذهاب الأمس، خائفًا من سرعة اليوم، مترقبًا مجيء الغد، يطلب منكم الإحسان وهو أوفر منكم مالًا فإن أجبتموه يبارككم علنًا وإن منعتموه يلعنكم سرًّا.. في الهيكل يوصيكم بالفقراء والمحتاجين وحول منزله يصرخ الجائعون وأمام عينيه تمد أيدي البائسين فلا ينظر ولا يسمع، يبيع صلاته ومن لا يشتري يكون كافرًا بالله وأنبيائه