صفحة:الأرواح المتمردة (1908) - جبران خليل جبران.pdf/162

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٤٦

ويهرقون دماء أجسادهم على أقدامك، وهذه الأرض التي تأبى أن أكون من سكانها هي الأرض التي لا تفغَرُ فاها وتبتلع الطغاة والطامعين)

فقهقه الشيخ عباس ضاحكا كأنه يريد أن يغرق بضحكه القبيح روح الشاب ويوقفها عن المسير إلى أرواح السامعين والبسطاء ثم قال: (أَوَلَمْ تكن راعيًا لثيران الدير أيها الشاب الوقح فلماذا تركت رعيتك وخرجت مطرودًا. هل ظننت أن الشعب يكون أكثر رأفة بالمجاذيب الملحدين من الرهبان الأتقياء)

فأجابه خليل: (كنت راعيًا ولم أكن جزارًا، كنت أقودُ العجولَ إلى المروج الخضراء والمراعي الخصبة ولم أسر بها قط إلى الطلول الجرداء، كنت أوردها الينابيع العذبة وأبعدها عن المستنقعات الفاسدة، كنت أعيدها في المساء إلى الحظيرة ولم أتركها في الوادي فريسة للذئاب والضواري الخاطفة، هكذا كنت أفعل بالبهائم ولو فعلت أنت مثلي بهذا القطيع المهزول الرابض الآن حولنا لما كنت