صفحة:الأرواح المتمردة (1908) - جبران خليل جبران.pdf/144

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٢٨

لا تسلم حياتك ثانيةً إلى العناصر العمياء بل ابْقَ ههنا يا أخي فالخبز الذي يشبع اثنين يكفي ثلاثة، والنار في هذا الموقد تظل متقدة بعد ذهابك مثلما كانت قبله، نحن فقراء يا أخي ولكننا نحيا أمام وجه الشمس مثل جميع الناس لأن الله يعطينا خبزنا كفاف يومنا.

أما مريم فكانت ترجوه بنظراتها اللطيفة وتستعطفه بتنهداتها الهادئة لكي يمتنع عن الذهاب لأنها منذ دخوله بين حي وميت ذلك البيت الحقير شعرت بوجود قوة علوية في نفسه تبعث الحياة والشعاع إلى قلبها وتنبه عواطف جديدة مستحبة في قدس من أقداس روحها؛ لأنها شعرت لأول مرة في حياتها بتلك الحاسة الغريبة التي تجعل قلب الصبية النقي مثل وردة بيضاء تشرب قطرات الندى وتسكب دقائق العطر.

لا يوجد في داخل الإنسان عاطفة أنقى وأعذب من