صفحة:الأرواح المتمردة (1908) - جبران خليل جبران.pdf/129

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١١٣

مكان غير الدير يمكن أن أعيش فيه لأنهم علَّمُوني الكفر بكل شيء إلا معيشتهم، وسمَّموا نفسي بنقيع اليأس والاستسلام حتى ظننت بأن هذا العالم هو بحر أحزان وشقاء وأن الدير هو ميناء الخلاص.

واستوى خليل جالسًا وانبسطت ملامحه المنقبضة، ونظر كأنه رأى شيئًا جميلًا منتصبًا أمامه في ذلك الكوخ. أمَّا راحيل ومريم فلبثتا صامتتين محدقتين به وبعد هنيهة عاد فقال: إن السماء التي شاءت فأخذت والدي ونفتني يتيمًا إلى الدير لم تشأ أن أصرف العمر كله كالأعمى السائر في المعابر الخطرة، ولم تَرْضَ بأن أكون عبدًا تعسًا متصاغرًا إلى نهاية الحياة، ففتحت عينيَّ وأذنيَّ وأرتني النور مشعشعًا وأسمعتني الحقيقة متكلمة.

فهزت راحيل رأسها إذا ذاك وقالت: أيوجد نور