صفحة:الأرواح المتمردة (1908) - جبران خليل جبران.pdf/127

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١١١

الحائط لتخفي دمعة محرقة استقطرتها الشفقة من أجفانها، فنظر إليهما الشاب نظرة المغلوب إلى منجده وقد انتعشت نفسه برقة عواطفهما مثلما تنتعش الزهرة النابتة بين الصخور عندما يسكب الصباح قطرات الندى في قلبها، ثم رفع رأسه وقال مات أبي وأمي قبل أن أبلغ السابعة من عمري فأخذني كاهن القرية التي وُلِدْتُ فيها إلى دير قزحيا، فسُرَّ الرهبان بي وجعلوني راعيًا للبقر ولما بلغت الخامسة عشرة ألبسوني هذا الثوب الأسود والخشن وأوقفوني أمام المذبح قائلين أَقْسِمْ بالله وقديسيه بأنك قد نذرت الفقر والطاعة والعفة. فرددت كلامهم قبل أن أفهم مفاد كلامهم، وقبل أن أدرك معاني الفقر والطاعة والعفاف، وقبل أن أرى السبيل الضيقة التي سيَّروني عليها. كان اسمي خليلًا فصار الرهبان منذ ذلك