صفحة:الأرواح المتمردة (1908) - جبران خليل جبران.pdf/108

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٩٢

أمام الأرياح وإن صفع خَدَّ رجل منهم ظل ذلك الرجل جامدًا صامتًا كأن الضربة قد أتت من السماء؛ فمن الكفر أن يتجاسر أو يرفع عينيه ليرى من أنزلها. وإن تبسم لرجل آخر قال الجميع ما أسعده فتى رضي عنه الشيخ عباس.

ولم يكن استسلام أولئك المساكين إلى الشيخ عباس وخوفهم قساوته صادرين عن ضعفهم وقوته فقط، بل كانا ناتجين عن فقرهم واحتياجهم إليه؛ لأن الحقول التي كانوا يحرثونها والأكواخ التي يسكنونها كانت مِلكَهُ وقد ورثها عن أبيه وجده مثلما ورثوا الفقر والتعاسة من آبائهم وجدودهم، فكانوا يفلحون الأرض ويزرعونها ويحصدونها تحت مراقبته ولا يحصلون لقاء أتعابهم وجهادهم إلا على جزء من الغلة لا يكاد ينقذهم من أظافر الجوع، قد كان أكثرهم يحتاج الخبز قبل انقضاء أيام