صفحة:الأجنحة المتكسرة (1912) - جبران خليل جبران.pdf/16

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
-١٠-

افتقاري إلى الرفاق لأنني كنت أجدهم أينما ذهبتُ، بل هي من أعراض علة طبيعية في النفس كانت تحبّب إليّ الوحدة والانفراد، وتُميت في روحي الميول إلى الملاهي والألعاب، وتخلع عن كتفي أجنحة الصبا، وتجعلني أمام الوجود كحوض مياه بين الجبال يعكس بهدوئه المحزن رسوم الأشباح وألوان الغيوم وخطوط الأغصان، ولكنه لا يجد ممرًّا يسير فيه جدولًا مترنمًا إلى البحر.

هكذا كانت حياتي قبل أن أبلغ الثامنة عشرة، فتلك السنة هي من ماضيَّ بمقام القمة من الجبل، لأنها أوقفتني متأملًا تجاه هذا العالم، وأرتني سبل البشر، ومروج ميولهم، وعقبات متاعبهم، وكهوف شرائعهم وتقاليدهم.

في تلك السنة وُلدتُ ثانية، والمرء إن لم تحبل به الكآبة ويتمحّض به اليأس، وتضعه المحبة في مهد الأحلام؛ تظل حياته كصفحة خالية بيضاء في كتاب الكيان.