صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/47

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
–٤٧–

الجموع والمنطق الديني والمنطق العقلي، وسأكتفي الآن بإجمالها على أن أخصص بعدئذ فصلًا لكل واحد منها.

منطق الحياة – سنبين الأسباب التي دفعتنا إلى وضع هذا النوع من المنطق في الفصل الذي خصصناه للبحث عنه، وإنما نقول الآن: إن منطق الحياة الذي يسيطر على بقاء الأنواع وأشكالها يجري حكمه بعيدًا من تأثير إرادتنا، ويأتي بمطابقات تسير بفعل قوى لا نعرف من أمرها شيئًا. ويظهر أن القوى المذكورة تسير كأنها مالكة لعقل أسمى من عقلنا، وأنها غير آلية لاختلاف تأثيرها في كل آنٍ بحسب الغاية التي ترمي إليها، فضم منطق الحياة إلى ما يهيمن عليه من أنواع المنطق الأخرى يملأ فراغًا أخفته نظريات ما بعد الطبيعة عن العيان.

المنطق العاطفي – لم يعرف علماء النفس في الماضي سوى المنطق العقلي، وقد أخذوا في هذا الوقت يضيفون إليه المنطق العاطفي، أو منطق المشاعر الذي يختلف عنه اختلافًا كليًّا، ووجه التباين بين المنطقين هو أن اشتراك الأفكار والمعقولات يكون شعوريًّا، مع أن اشتراك المشاعر هو غير شعوري، ثم إن المنطق العاطفي يقودنا في أكثر أعمالنا.

منطق الجموع – يجب ألا يخلط هذا المنطق بالمنطق العقلي؛ فلقد أثبتنا منذ كثير من السنين أن المرء وهو جزء من الجماعة يكون في سيره غيره وهو منفرد، وهذا ما يجعلنا نقول: إنه مسير وهو في الجماعة بمنطق خاص يتضمن ما يشاهد في الجموع وحدها من أصول ومبادئ.

المنطق الديني – المنطق الديني نتيجة لما في الإنسان من روح دينية، وهذه الروح التي كانت عامة بين الناس في القرون الغابرة لا تزال منتشرة على ما يظهر، ولا أهمية لارتباط الأشياء والحوادث بعضها ببعض عند أولي النفوس الدينية، فالارتباط المذكور في نظر هؤلاء إن هو إلا أمر يختص بموجودات علوية نعاني عزاءهما فقط، ولا يختلف المنطق الديني عن المنطق العاطفي بكونه شعوريًّا اختياريًّا فقط، بل بتسبيبه أعمالًا تناقض أعمال المنطق العاطفي مناقضة تامة.

المنطق العقلي – هذا المنطق هو فن التأليف بين الأفكار والتمييز بين ما تشابه