صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/36

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
–٣٦–

تحافظ عليها، واغرب ما في ذلك هو أن انكلترا أصبحت صديقتنا في وقت غیر بعيد من حدوث مذلة ( فاشودا ).

بوضح المبدأ القائل بقلة استمرار ذاكرة المشاعر كثيراً من الحوادث الماسة الحياة الشعوب، فيجب أن لا يُعتمد على شكرها كما أنه يقتضى أن لا يُفْزَعَ من من حقدها.

٤ – اشتراك المشاعر واشتراك الأفكار

سنبحث عن بعض عناصر الذكاء الأساسية في الفصل الذي خصصناه في هذا الكتاب لفحص المنطق العقلى، واذا أشرنا هنا الى تلك العناصر فذلك لبيان كيفية اشتراك العناصر العقلية والعناصر العاطفية وتأثير بعضها في البعض الآخر.

ان صفة الذكاء البارزة في التأمل والتعقل أى إدراك علائق الأشياء الظاهرة والمستترة حسب بعض القواعد والسنن، وكذلك المنطق العاطفى فله قواعده وسننه ولما كانت منطقة اللاشعور مرتع هذه السنن فانها لا تبدو للشعور الا كمعلولات.

بينا أن حياتنا النفسية تتآلف من مشاعر ومعقولات، فكيف يؤثر أحد هذين الطرفين في الآخر؟ نعلم من نظريات علم النفس أن الأفكار تشترك على وجهين : اشتراك بفعل المحاكاة والمشابهة واشتراك بفعل الاتصال والملاصقة، فاما الاشتراك بفعل المحاكاة والمشابهة فهو أن يذكرنا الانطباع الحاضر بانطباعات سابقة متشابهة، وأما الاشتراك بفعل الاتصال والملاصقة فهو أن يذكرنا الانطباع الحاضر بانطباعات أخرى وقعت معاً دون أن يكون بينها وجه شبه، ويظهر لنا أن المشاعر تشترك كما تشترك الأفكار، وقد يشترك الطرفان بالسوية بحيث نتذكر باحدهما الطرف الثاني.

والفرق بين اشتراك المشاعر واشتراك الأفكار هو أن الأول يقع في الغالب على وجه لاشعوری بعید من تأثيرنا، وسنرى على رغم هذا الفرق أن الذات العاطفة والذات العاقلة قد تؤثر أحداهما في الأخرى بفعل الاشتراك الذي أشرنا اليه في هذا المطلب.