صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/19

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
–١٩–

حقاً لا يستطيع الانسان أن يعيش بدون رغبة، نعم قد يكون في عالم الافـكار الذي تصوره افلاطون جمال رائع ونماذج خالدة ولكن بما أنه لم تى هذا العالم نفخة رغبة فان أمره لا يهمنا.

٤ – الامل هو اللذة المرجوَّة

الأمل ابن الرغبة لا الرغبة نفسها، إذ هو عبارة عن استعداد نفسی يجعــل الانسان يعتقد إمکان تحقيقه ما فيه من رغبة، فقد يرغب المرء في شيء، دون أن يأمله، فعلى قلة من يأملون الثروة نرى جميع الناس يرغبون فيها، وكذلك العلماء فانهم يرغبون في اكتشاف علة علل الحوادث مع أنهم لا يأملون أن يصلوا اليه، وقد تقترب الرغبة من الأمل في بعض الأحيان فتختلط به، فالانسان في لعبة الدولاب يرغب في الربح ويأمله .

ويمكننا أن نعرف الأمل باللذة المرجوة، وفي الغالب يكون الامل في دور الرجاء أشفى للغلة منه في إنجازه، وسبب ذلك واضح، فاللذة المنجزة تكون محدودة مقداراً و زماناً مع أنه لاحد لما يوجبه الامل من أحلام، ولم يوجد سلطان الامل وفتنه إلا لاشتماله على ما في اللذة ممکنات، فهو عصا سحر قادرة على تحويل كل شيء، وهذا هو سر کون دعاة التجدد لم يفعلوا سوى إقامة أمل مكان آخر.

٥ – العادة هي ناظمة اللذة والألم .

العادة هي ناظمة الحس، فهي سبب الاستمرار في افعال الانسان لثلمها حد اللذة والالم فيه، وبها يألف أشد المصاعب و يتحمل اعظم الجهود، والطفل بتأثيرها يتعود تعب الحياة عند ما يكرهه من العزلة على العيش تحت سماء الشمس.

والعادة التي هي ناظمة حياة الفرد هي دعامة الحياة الاجتماعية أيضاً، والأمر الشاق في حياة الأمة هو أن تبتدع لنفسها عادات اجتماعية وأن لا تجمد إزاء هذه العادات إذ انه عندما تثقل وطأة العادات زمناً طويلاً على الأمة لا تتخلص من ربقتها إلا بثورات عنيفة، ولذلك وجب أن لا يطول الوقوف عند حد العادة، فالمدنيات والافراد والأمم الشائخة هي التي تميل الى الرزوح تحت أثقال المادة وقتاً كبيراً من العبث أن نتكلم