صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/124

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
– ١٢٤ –

الفصل الثاني

العدوى النفسية.


١ – اشكال العدوى النفسية.

العدوى النفسية هي أمر روحي ينشأ عنه التسليم ببعض الآراء والمعتقدات تسليماً غير إرادي ، ومصدرها دائرة اللاشعور ، ولذلك لا يؤثر فيها أي دليل او تأمل ، وتشاهد في البشر والحيوانات ولا سيما عندما يكونون في حالة جماعة ، وهي من التأثير بحيث تسيطر على التاريخ .

حقاً إن العدوى النفسية هي العنصر الأساسي في انتشار الآراء والمعتقدات ، وقد تبلغ بقوتها مبلغا يجعل الانسان يضحى بأكثر منافعه الشخصية وضوحاً ، يؤيد ذلك أخبار الشهداء والمنتحر بن والجدع الخ الذين لم يأتوا بما أتوا به الا بفعل العدوى النفسية.

وقد تكون مظاهر الحياة النفسية جميعها سارية ولكن الانفعالات هي التي تنتشر بالعدوى على الخصوص ، وتستطيع الإرادة في الأحوال العادية أن تحدد تأثيرها ، غير أن ظهور احدى العلل - كتحول البيئة أيام الثورة تحولاً عنيفا وتحريض الشعب الخ – المبطلة لعمل الإرادة تجمل حكم العدوى يجرى بسهولة محولاً ذوى الميول السلمية الى رجال أشداء محاربين وأبناء الطبقة الوسطى الودعاء الى أشياع متعصبين ، وبتأثير العدوى أيضا يغير هؤلاء أحزابهم فيأتون لإخماد الثورة بنشاط كالذي أوقدوا به نيرانها .

ولا تسرى العدوي بتماس الافراد تماسا مباشراً، بل قد تنتشر بالكتب والجرائد والحوادث البرقية حتى بالشائعات البسيطة ، وكلما زادت وسائل النشر والإذاعة تداخلات العزائم وأثر بعضها في بعض ، على هذا الوجه ترتبط كل يوم بمن يحيطون بنا أكثر من ذي قبل وتكتسب النفسية الفردية شكلاً جامعاً .

وإني أعد الزمرة الاجتماعية التي تنتسب اليها أقوى أشكال العدوى النفسية