صفحة:الآراء والمعتقدات (1926) - غوستاف لوبون.pdf/108

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
- ١٠٨ -

الفصل الثاني

لتأثير آراء الجموع ونتائجها.


١ – صفات الآراء الشعبية.

شأن الجموع الزائد في الحياة السياسية يجعل البحث عن الآراء الشعبية ذا أهمية، ولما فسرتها كتيبة من المحامين والاساتذة الذين حرفوها واخفوا تقلباتها وعدم اتساقها وسذاجتها ظلت معروفة قليلاً، وقد بلغ تملقهم للشعب ذي السيادة مبلغ التذال لأشد الملوك استبداداً في الماضي ، ولا يزالون معجبين بحرصه الدنيء وشهواته ذات الجلبـة والضجيج ورغائبه الخرقاء ، ولا قيمة للحوادث والحقائق عندهم ، فهم يرون أنه يجب على الطبيعة أن تخضع لأهواء العدد .

وتتصف الروح الشعبية التي بحثت عنها في مؤلفات أخرى بكونها تخضع للمبادىء العاطفية والمبادىء الدينية خضوعا تاما ، وما فيها من اندفاعات مصدرها المشاعر والدين فلا يزجره أي دليل عقلى ، ولذلك فإنها تسير حسب هذه الاندفاعات غير مترددة .

جهة الدين في روح الجماعات أشد نمواً من جهة العاطفة ، وهذا هو علة احتياجها الشديد إلى عبادة معبود ربا كان أم صنما أم وجيها أم مذهبا ، والاحتياج المذكور يتدفق اليوم نحو الاشتراكية التي هي دين جديد قادر على تجديد البشر ! وقد شوهد التدين الشعبي في جميع الأجيال ، واذا لم يتجل في المعتقدات اللاهوتية فانه يستولى على المبادىء السياسية ، فكل صفحة صفحات تاريخ الثورة الفرنسوية تدعم قولنا .

أعود فأقول إن عجز العقل عن التأثير في الجموع هو أهم صفاتها ، فالافكار التي تؤثر فيها هي المشاعر التي صبت في قالب أفكار لا الافكار العقلية ، ومع أنه وجب أن تكون هذه الحقائق معروفة عند الجميع فان ساسة العرق اللاتيني يثبتون بسيرهم أنهم لا يزالون غير مدركين لها ، وسيظلون في الفوضى حتى يطلعوا عليها .