انتقل إلى المحتوى

صفحة:ألف ليلة وليلة (الجزء الأول).pdf/51

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
فلما كانت الليلة ٧

أفخر ثيابها وتبخَّرَتْ وتقلَّدَتْ سيفًا، وفتحت بابَ القصر وخرجت، فقمتُ وتبعتها حتى خرجت من القصر، وشقت في أسواق المدينة إلى أن انتهت إلى أبواب المدينة، فتكلَّمَتْ بكلام لا أفهمه، فتساقطت الأقفال وانفتحت الأبواب، وخرجَتْ وأنا خلفها وهي لا تشعر، حتى انتهت إلى ما بين الكيمان، وأتَتْ حصنًا فيه قبة مبنية بطين لها باب، فدخلته هي وصعدتُ أنا على سطح القبة، وأشرفت عليها، وإذا بها قد دخلت على عبدٍ أسود إحدى شفتَيْه غطاء، وشفته الثانية وطاء، وشفاهه تلقط الرمل من الحصى، وهو مبتل وراقد على قليل من قش القصب، فقبَّلت الأرض بين يدَيْه، فرفع ذلك العبد رأسه إليها، وقال لها: ويلك! ما سبب قعودك إلى هذه الساعة؟! كان عندنا السودان، وشربوا الشراب، وصار كل واحد بعشيقته، وأنا ما رضيت أن أشرب من شأنك. فقالت: يا سيدي، وحبيب قلبي، أَمَا تعلم أني متزوجة بابن عمي، وأنا أكره الخلق في صورته، وأبغض نفسي في صحبته، ولولا أني أخشى على خاطرك لَكنتُ جعلتُ المدينةَ خرابًا يصيح فيها البوم والغراب، وأنقل حجارتها إلى خلف جبل قاف. فقال العبد: تكذبين يا عاهرة، وأنا أحلف وحق فتوَّة السودان، وإلا تكون مروءتنا مروءة البيضان، إن بقيتِ تقعدين إلى هذا الوقت من هذا اليوم، لا أصاحبك ولا أضع جسدي على جسدك يا خائنة، أتنقلبين عليَّ من أجل شهوتك يا منتنة يا أخس البيضان؟ قال الملك: فلما سمعتُ كلامها، وأنا أنظر بعيني ما جرى بينهما، صارت الدنيا في وجهي ظلامًا، ولم أعرف روحي في أي موضع، وصارت بنت عمي واقفةً تبكي إليه، وتتذلل بين يدَيْه، وتقول له: يا حبيبي وثمرة فؤادي، ما أحد غيرك بقي لي، فإن طردتَني يا ويلي يا حبيبي يا نور عيني. وما زالت تبكي وتتضرَّع له حتى رضي عليها، ففرحت وقامت قلعت ثيابها ولباسها، وقالت له: يا سيدي، هل عندك ما تأكله جاريتك؟ فقال لها: اكشفي اللقان؛ فإن تحتها عظام فئران مطبوخة، فكليها وقرقشيها، وقومي لهذه القوارة تجدي فيها بوضة فاشربيها. فقامت وأكلت وشربت وغسلت يديها، وجاءت مع العبد على قش القصب وتعَرَّتْ، ودخلت معه تحت الهدمة والشراميط. فلما نظرتُ إلى هذه الفعال التي فعلَتْها بنتُ عمي، غبتُ عن الوجود، فنزلت من فوق أعلى القبة، ودخلت وأخذت السيفَ من بنت عمي، وهممت أن أقتل الاثنين، فضربت العبد أولًا على رقبته فظننت أنه قد قضي عليه.

وأدرك شهرزاد الصباح فسكتَتْ عن الكلام المباح. فلما أصبح الصباح دخل الملك إلى محل الحكم، واحتبك الديوان إلى آخر النهار، ثم طلع الملك قصره، فقالت لها أختها دنيازاد: أتممي لنا حديثك. قالت: حبًّا وكرامة.

٥١