صفحة:ألف ليلة وليلة.djvu/214

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

وما زالوا مسافرين حتى وصلوا مدينة أخرى فاقاموا بها ثلاثة أيام ثم سافروا حتى وصلوا الى ديار بكر وهب عليهم نسيم بغداد فتذكر ضوء المكان أخته نزهة الزمان وأباه وأمه ووطنه وكيف یرجع الى أبيه بغير أخته فبكى وأن اشتكى واشتدت به الحسرات فانشد هذه الابيات

خليلی كم هذا التأنى واصبر
ولم ياتنی منكم رسول يخبر
الا أن أيام الوصال قصيرة
فيا ليت أيام التفرق تقصر
خذوا بيدی ثم ارحموا لصبابتی
تلاشي بها جسمي وان كنت أصبر
فان تطلبوا منی سلوا أقل لکم
فوالله ما أسلوا لی حین أحشر

فقال له الوقاد أترك هذا البكاء والانين فاننا قريب من خيمة الحاجب فقال ضوء المكان لا بد من انشادي شيأً من الشعر لعل نار قلبی تنطفیء فقال له الوقاد بالله عليك أن تترك الحزن حتى تصل الى بلادك وافعل بعد ذلك ما شئت وأنا معك حينما كنت فقال ضوء المكان والله لا أفتر عن ذلك ثم التفت بوجهه الى ناحية بغداد وكان القمر مضيئا وكانت نزهة الزمان لم تنم تلك الليلة لانها تذكرت أخاها ضوء المكان فقلقت وصارت تبكی فبينما هی تبكی اذ سمعت اخاها ضوء المكان يبكی وينشد هذه الابيات

لمع البرق البیاني * فشجانی ماشجانی * من حبيب كان عندی
ساقيا كأس التهانی * وميض البرق هل تر * جع أيام التدانی
يا عذولی لا تلمنی * ان ربی قد بلانی * بحبيب غاب عنی
وزمان قد دهانی * قد نأت نزهة قلبی * عندما ولى زمانی
وحوى لی الهم صرفا * وبكأس قد سقانی * وأرانی يا خليلی
مت من قبل التداني * يا زمانا للتصابي * عد قريبا بالامانی
فی سرور مع أمان * من زمان قد رمانی * من لمسكين غريب
بات مرعوب الجنان * صار فی الحزن فريدا * بعد نزهات الزمان
حكمت فينا برغم * كف أولاد الزوانی

فلما فرغ من شعره صاح وخر مغشيا عليه هذا ما كان من أمره(وأما)ما كان من أمر نزهة الزمان فانها كانت ساهرة فی تلك الليلة لانها تذكرت أخاها فی ذلك المكان فلما سمعت ذلك الصوت بالليل ارتاح فؤادها وقامت وتنحنحت ودعت الخادم فقال لها ما حاجتك فقالت له قم وائتنی بالذی ينشد الاشعاروأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح

(وفی ليلة 91) قالت بلغنی أيها الملك السعيد أن نزهة الزمان لما سمعت من أخيها الشعر دعت الخادم الكبير وقالت له اذهب وائتنی بمن ينشد هذه الاشعار فقال لها انی لم أسمعه ولم أعرفه والناس كلهم نائمون فقالت له كل من رأيته مستيقظا فهو الذي ينشد الاشعار ففتش فلم ير مستيقظا سوى الرجل الوقاد وأما ضوء المكان فانه كان فی غشيته افلما رأى الوقاد الخادم واقفا على