ثم قال يا ولدي مالی عندك وصية الا تقوى الله والنظر فی العواقب وان تستوصی بالجارية أنيس الجليس فقال له يا أبت ومن مثلك وقد كنت معروفا بفعل الخير ودعاء الخطباء لك على المنابر فقال يا ولدی ارجو من الله تعالى القبول ثم نطق الشهادتين وشهق شهقة فكتب من أهل السعادة فعند ذلك امتلأ القصر بالصراخ ووصل الخبر الى السلطان وسمعت أهل المدينة بوفاة الفضل بن خاقان فبكت عليه الصبيان فی مكاتبها ونهض ولده علی نور الدين وجهزه وحضرت الامراء والوزراء وأرباب الدولة وأهل المدينة مشهده وكان ممن حضروا الجنازة الوزير المعين بن ساوی وأنشد بعضهم عند خروج جنازته من الدار هذه الابيات
ثم مكث علی نور الدين شديد الحزن على والده مدة مديدة فبينما هو جالس يوما من الايام فی بيت والده اذ طرق الباب طارق فنهض علی نور الدين وفتح الباب واذا برجل من ندماء والده واصحابه فقبل يد علی نور الدين وقال يا سيد من خلف مثلك ما مات وهذا مصير سيد الاولين والآخرين ﷺ يا سيدی طب نفسا ودع الحزن فعند ذلك نهض علی نور الدين الى قاعة الجلوس ونقل اليها ما يحتاج اليه واجتمع عليه أصحابه واخذ جاريته واجتمع عليه عشرة من اولاد التجار ثم انه اكل الطعام وشرب الشراب وجدد مقاما بعد مقام وصار يعطی ويتكرم فعند ذلك دخل عليه وكيله وقال له يا سيدی علی نور الدين أما سمعت قول بعضهم من ينفق ولم يحسب افتقر ولقد احسن من قال هذه الابيات
ثم قال يا سيدی النفقة الجزيلة والمواهب العظيمة تفنی المال فلما سمع علی نور الدين من وكيله هذا الكلام نظر اليه وقال له جميع ما قلته لا اسمع منه كلمة فما احسن قول الشاعر