كان جزارا ببغداد يبيع اللحم ويربی الخرفان وكانت الكبار وأصحاب الاموال يقصدونه ويشترون منه اللحم فاكتسب من ذلك مالا عظيما واقتنى الدواب والدور ثم اقام على ذلك زمنا طويلا فبينما هو فی دكانه يوما من الایام اذ وقف عليه شيخ كبير اللحية فدفع له دراهم وقال اعطنی بها لحما فاخذ منه الدراهم واعطاه اللحم وانصرف فتأمل أخي فی فضة الشيخ فرأى دراهمه بيضا بياضها ساطع فعزلها وحدها فی ناحية وأقام الشيخ يتردد عليه خمسة أشهر وأخي يطرح دراهمه فی صندوق وحدها ثم أراد أن يخرجها ويشتري غنما فلما فتح الصندوق رأى ما فيه ورقا أبيض مقصوصا فلطم وجهه وصاح فاجتمع الناس عليه فحدثهم بحديثه فتعجبوا منه ثم رجع اخي الى الدكان على عادته فذبح كبشا وعلقه داخل الدكان وقطع لحما وعلقه خارج الدکان و صار يقول فی نفسه لعل ذلك الشيخ يجيء فاقبض عليه فما كان لا ساعة وقد أقبل الشيخ ومعه الفضة فقام أخي وتعلق به وصار يصيح يا مسلمين الحقونی واسمعوا قصتی مع هذا الفاجرفلما سمع الشيخ كلامه قال له أی شیء احب اليك ان تعرض عن فضيحتي أو أفضحك بين الناس فقال له يا أخي بأی شیء تفضحنی قال بأنك تبيع لحم الناس فی صورة لحم الغنم فقال له يا أخي كذبت يا ملعون فقال الشيخ ما ملعون الا الذی عنده رجل معلق فی الدكان فقال له اخي ان كان الامر كما ذكرت فمالی ودمي حلال لك فقال الشيخ يا معاشر الناس ان هذا الجزار يذبح الآدميين ويبيع لحمهم فی صورة لحم الغنم وان أردتم ان تعلموا صدق قولی فادخلوا دكانه فهجم الناس على دكان اخي فرؤوا ذلك الكبش صار انسیانا معلقا فلما رأوا ذلك تعلقوا بأخی وصاحوا عليه يا كافر يا فاجر وصار أعز الناس اليه يضربه ولطمه الشيخ على عينه فقلعها وحمل الناس ذلك المذبوح الى صاحب الشرطة فقال له الشيخ أيها الامير ان هذا الرجل يذبح الناس ويبيع لحمهم على انه لحم غنم وقد أتيناك به فقم واقض حق الله عز وجل فدافع أخی عن نفسه فلم يسمع منه صاحب الشرطة بل أمر بضربه خمسمائة عصا وأخذوا جميع ماله ولولا كثرة ماله لقتلوه ثم نفوا اخی من المدينة فخرج هائما لا يدري اين يتوجه فدخل مدينة كبيرة واستحسن ان يعمل اسكافيا ففتح دكانا وقعد يعمل شيئا يتقوت منه فخرج ذات يوم فی حاجة فسمع صهيل خيل فبحث على سبب ذلك فقيل له ان الملك خارج الى الصيد والقنص فخرج اخی ليتفرج على الموكب وهو يتعجب من خسة رايه حيث انتقل من صنعة الا ساكفة فالتفت الملك فوقعت عينه على عين اخی فاطرق الملك راسه وقال اعوذ بالله من شر هذا اليوم وثنى عنان فرسه وانصرف راجعا فرجع جميع العسكر وامر الملك غلمانه ان يلحقوا أخی ويضربونه فلحقوه وضربوه ضربا وجيعا حتى كاد ان يموت ولم يدر أخی السبب فرجع الى موضعه وهو فی حالة العدم ثم مضى الي انسان من حاشية الملك وقص عليه ما وقع له فضحك حتى استلقى على قفاه وقال له يا اخی اعلم ان الملك لا يطيق ان ينظر الي اعور لا سيما ان كان العور شمالا فانه لا يرجع عن قتله فلما سمع اخی ذلك الكلام عزم على الهروب من تلك المدینة وهنا ادرك شهرزاد الصباح فسکتت عن الکلام المباح
(وفی لیلة ٤۱) قالت بلغنی ايها الملك السعيد أن الاعور لما سمع ذلك الكلام عزم على