صفحة:أعلام المهندسين في الإسلام (الطبعة الأولى).pdf/14

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ١٢ -

العجيبة1 وكإجرائه في أنابيب بالطرق لتوزيعه وإصعاده إلى أعالي الدور كما فعلوه بحلب وحمص وطرابلس2 وغير ذلك مما سطره الخبر وشهد به الأثر. بل حسبهم فضلاً أن أهل مقاطعة بلنسية بالأندلس مازال معولهم إلى اليوم في أنهارهم على ما وضعه العرب من النظام المحكم لتوزيع الماء، حتى قال بعض منصفيهم: «لولا ما أقامه لنا العرب من القناطر والجسور لمتنا وماتت أراضينا ظمأ».

فهذه أمثلة يسيرة نكتفي بإيرادها في دفع تلك الفرية، ولو شئنا تعداد سائر أعمالهم الهندسية لجرنا القول إلى مالا يتسع المجال لاستقصائه.

أما الذين يستدلون على ذلك القصور المزعوم بإهمال المؤرخين لتراجم ذوي الفنون كالمهندسين وأضرابهم مع عنايتهم بتراجم غيرهم من العلماء فلا نكلفهم فيه عناء النظر في أخبار المصنفين وما صنفوه بعد أن كفانا السخاويّ المؤونة بعقده فصلاً في «الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ» خصه بأنواع ما ألف في أخبار الناس وطبقاتهم من فنيين وغيرهم، فسرد منها أربعين نوعاً، يتفرع من كل نوع أنواع3 وإنما ضاعت علينا ثمار هذه الجهود بالزهد فيها والرغبة عنها بعد تقهقر العلم بالمشرق، وقصر الاشتغال على فروع معلومة منه، حتى بلغ الأمر ببعض منتحليه إلى


  1. عن الدرر الكامنة وغيره
  2. عن إرشاد الأريب لياقوت والدر المنتخب. وفيهما تفصيل ذلك.
  3. من هذه الأنواع طبقات المهندسين خاصة وقد ذكر المؤلف من طبقات غيرهم من الفنيين وذوي الصنائع والأعمال مالم يكن يظن أنهم عنوا به وأفردوه بالتأليف.