صفحة:أدباء العرب في الجاهلية وصدر الإسلام.pdf/26

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٢٤
 

حياته

هو امرؤ القيس بن حُجر الكندي، ولد في نجد، وأبوه ملك على بني أسد وغطفان، وقيل: إن أمه فاطمة بنت ربيعة أخت كليب والمهلهل، وقد اختلف في اسمه، والمشهور أنه يدعى جَندحًا، وله كنيتان وهما أبو وهب وأبو الحارث، وثلاثة ألقاب وهي ذو القروح1 والذائد2 والملك الضَّليل.3

نشأ امرؤ القيس ميالًا إلى الترف واللهو شان أولاد الملوك، ونظم الشعر فتيًّا، وكان يتهتك في غزله ويفحش في سرد قصصه الغرامية، فغضب عليه والده ونهاه فلم ينته، فطرده فذهب يطوف في أحياء العرب وجماعة من أصحابه، يصطاد ويشرب الخمر وينظم الشعر وتغني له القيان، وبينما هو بدمُّون من أرض الشام أتاه نعي أبيه، وكان بنو أسد قد خرجوا عليه وقتلوه، فهبَّ للأخذ بثأره4 وأخذ يستنجد القبائل، فلم تنجده إلا قليلًا. فسار إلى القيصر يوستنيانوس في القسطنطينية فعطف عليه ووعده بأن يساعده على الإثئار لوالده. ثم ولاه فلسطين كما يقول المؤرِّخ الرومي «نونوز». فرحل إليها حتى بلغ أنقره فأصيب بداء الجدري فمات، ولذلك لقب بذي القروح.

ويعزى عطف القيصر على امرئ القيس؛ لأنه كان نصرانيًّا مثله. على أن هذا وحده لم يكن كافيًا لاهتمام يوستنيانوس بمساعدة الملك الطريد لولا طموحه إلى منافسة الأكاسرة، وبسط سيطرته على جزيرة العرب. ويظهر أن عقبات قامت دون بغيته فلم يستطع أن يعيد إلى الشاعر ملك أبيه فعوضه منه إمارة فلسطين.

وقد أحاطت بحياة امرئ القيس وموته طائفة من الأساطير فرأينا أن نضرب عنها صفحًا لعدم فائدتها.


  1. قيل إنه لقب بذلك لقوله: وبدلت قرحًا داميًا بعد صحة.
  2. لقوله: أذود القوافي عني ذيادًا.
  3. لتطوافه على القبائل مستنجدًا.
  4. روي أنه كان على شراب لما جاءه خبر أبيه، فقال: اليوم خمر وغدًا أمر. وقد ذكر هذا المثل أيضًا للمهلهل لما نعي إليه أخوه.