صفحة:أبطال مصر (1922) - محمد السباعي.pdf/40

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
– ۲۸ –

أبواق المجلات وطبول الجرائد ؟ الا أن أمة تخلو من أمثال هؤلاء أو يقل منهم نصيبها لخليقة أن تختل حالهاويسوء مالها . ويكون مثلها كمثل غابة خلت من الجذور والاصول واستحالت كلها ورقاً وفروعاً ـ فهي لا تلبث أن تذبل وتموت. لنا الويل والشكل إن كان كل عتادنا وذخيرتنا هو ما لدينا من الكلام والطنطنة والاشياء التي نعرضها على الملأ ونرفعها لاعين المتفرجين والنظارة. ألافقدس الله عالم الصمت ؛ انه لاسمى مقاماً من الكواكب وأعمق غوراً من عالم الموت !وانه وحده هو النبيل والعظيم والجليل ـ وكل ماعداه حقير ضئيل تافه ! فلتلزم أمتنا فضيلة الصمت ولتعتصم بها . ولتدع غيرها من الأمم المولعة بالجلبة والضوضاء وحب التظاهر تصيح في كل موقف وتملأ الدنيا صياحا بكل صغيرة وكبيرة من شؤونها وتجعل بلادها مسرحا ترقص عليه وتلعب على مرأى ومسمع من المتفرجين والنظارة ـ فأمثال هذه الأمن التظاهرة الصحابة ستصبح عاجلا أو آجلا غابات بلا جذور ولا أصول ـ مآلها الذبول والموت. ألاما أقدس الصمت ! انه مستمد من ملكوت السماء : انظر إلى الدوحة العظيمة في الغابة تجدها قد لبثت ألف عام تنمو في أتم صمت وسكينة فمتي تسمع صوتها ؟ لا تسمع ذلك إلا حينها يجيئها الحطاب في نهاية الألف عام بفاسه ليقطعها