صفحة:آثار البلاد وأخبار العباد.pdf/76

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
77

حجّها متعلّق بأستارها يسعون معها حتى تدخل الجنّة فيدخلون معها. وعن عليّ : ان الله تعالى قال للملائكة : إني جاعل في الأرض خليفة، قالوا : أتجعل فيها من يفسد فيها؟ فغضب عليهم وأعرض عنهم. فطافوا بعرش الله سبعا كما يطوف الناس بالبيت اليوم يسترضونه، يقولون : لبيك اللهمّ لبيك! ربّنا معذرة إليك! نستغفرك ونتوب إليك! فرضي عنهم وقال :ابنوا في الأرض بيتا يطوف به عبادي، من غضبت عليه أرضى عنه كما رضيت عنكم.

وأمّا خصائص البيت وعجائبه فإن أبرهة بن الصبّاح قصده وأراد هدمه، فأهلكه الله تعالى بطير أبابيل. وذكر أن أساف بن عمرو ونائلة بنت سهيل زنيا في الكعبة، فمسخهما الله تعالى حجرين نصب أحدهما على الصّفا والآخر على المروة ليعتبر بهما الناس. فلمّا طال مكثهما وعبدت الأصنام، عبدا معها إلى أن كسرهما رسول الله فيهما كسر من الأصنام.

ومن عجائب البيت أن لا يسقط عليه حمام إلّا إذا كان عليلا، وإذا حاذى الكعبة عرقة من طير تفرّقت فرقتين ولم يعلها طائر منها. وإذا أصاب المطر أحد جوانبها يكون الخصب في تلك السنة في ذلك الجانب، فإذا عمّ المطر جميع الجوانب عمّ الخصب جميع الجوانب، ومن سنّة أهل مكّة ان من علا الكعبة من عبيدهم يعتقونه، وفي مكّة من الصلحاء من لم يدخل الكعبة تعظيما لها.

وعن يزيد بن معاوية : ان الكعبة كانت على بناء الخليل عم إلى أن بلغ النبيّ صلعم خمسا وثلاثين سنة، فجاءها سيل عظيم هدمها، فاستأنفوا عمارتها، وقريش ما وجدوا عندهم مالا لعمارة الكعبة إلى أن رمى البحر بسفينة إلى جدّة، فتحطّمت فأخذوا خشبها واستعانوا بها على عمارتها، فلمّا انتهوا إلى موضع الركن اختصموا وأراد كلّ قوم أن يكونوا هم الذين يضعونه في موضعه، وتفاقم الأمر بينهم حتى تناصفوا على أن يجعلوا ذلك لأوّل طالع، فطلع عليهم النبيّ صلعم فاحتكموا إليه فقال : هلموا ثوبا! فأتي به فوضع الركن فيه ثمّ قال : لتأخذ كلّ قبيلة بناحية من الثوب، ففعلوا ذلك حتى إذا رفعوه إلى موضعه أخذ النبيّ عم الحجر بيده ووضع في الركن.

وعن عائشة قالت : سألت رسول الله صلعم عن الحجر أمن البيت هو؟ قال : نعم. قلت : فما بالهم لم يدخلوه في البيت؟ فقال، صلّى الله عليه وسلّم : إن قومك قصرت بهم النفقة. قلت : فما شأن بابه مرتفعا؟ قال : فعلوا ذلك ليدخلوا من شاؤوا ويمنعوا من شاؤوا، ولولا أن قومك حديثو عهد بالجاهليّة أخاف أن تنكر قلوبهم لنظرت اني أدخل الحجر في البيت. فأدخل عبد الله بن الزبير عشرة من الصحابة حتى سمعوا منها ذلك، ثمّ هدم البيت