صفحة:آثار البلاد وأخبار العباد.pdf/30

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
(٣١)

الثوب عليه صورة الطاووس وقد حمل قنو موز والطاووس لا يقدر على حمل قنو الموز فلو بعث الملك هذا الثوب هدية إلى بعض الملوك يقولون: أهل الصين ما يعرفون أن الطاووس لا يقدر على حمل قنو الموز.

الشّحر

ناحية بين عدن وعمان على ساحل البحر. ينسب إليها العنبر الشّحريّ لأنّه يوجد في سواحلها. وبها غياض كثيرة يوجد بها النسناس.

حكى بعض العرب قال: قدمت الشحر فنزلت عند بعض رؤسائها وسألت عن النسناس فقال: إنّا لنصيده ونأكله وهو دابّة كنصف بدن الإنسان له يد واحدة ورجل واحدة وكذلك جميع الأعضاء فقلت: أنا أحبّ أن أراه فقال لغلمانه: صيدوا لنا شيئًا منه. فلمّا كان من الغد جاءوا بشيء له وجه كوجه الإنسان إلّا أنّه نصف الوجه وله يد واحدة في صدره وكذلك رجل واحدة فلمّا نظر إليّ قال: أنا بالله وبك. فقلت لهم: خلّوا عنه. فقالوا :لا تغترّ بكلامه فإنّه مأكولنا فلم أزل بهم حتى أطلقوه فمرّ مسرعًا كالريح.

فلمّا جاء الرجل الذي كنت عنده قال لغلمانه: أما قلت لكم صيدوا لنا شيئا؟ فقالوا: فعلنا لكن ضيفك خلّى عنه. فضحك وقال: خدعك والله! ثمّ أمرهم بالغدو إلى الصيد فغدوا بالكلاب وكنت معهم فصرنا إلى غيضة في آخر الليل فإذا واحد يقول: يا أبا مجمر إن الصبح قد أسفر واللّيل قد أدبر والقيض قد حضر فعليك بالوزر. فقال الآخر: كلي ولا تراعي فأرسلوا الكلاب عليهم فرأيت أبا مجمر وقد اعتوره كلبان وهو يقول:

الويل لي ممّا به دهاني
دهري من الهموم والأحزان
قفا قليلا أيّها الكلبان
واسمعا قولي وصدّقاني
إنّكما حين تحارباني
ألفيتماني خضلا عناني
لو بي شبابي ما ملكتماني
حتى تموتا أو تركتماني

فالتقياه وأخذاه فلمّا حضر الرجل على عادته أتوا بأبي مجمر مشويًّا وذكر خبر النسناس في وبار أبسط من هذا.

شعب

جبل باليمن فيه بلاد وقرى يقال لأهلها الشّعبيّون قتل بها الشّنفرى فقال تأبّط شرّا وهو خال الشنفرى:

إنّ بالشّعب من دون سلع
لقتيلا دمه ما يطلّ

منها أبو عمرو عامر بن شراحيل الشعبي كان عالما ورعا فريد دهره ولّي القضاء من قبل عبد الملك بن مروان بعثه إلى الروم رسولًا فأدخلوه على الملك من باب لصّ حتى ينحني للدخول فيقولون: خدّم للملك فعرف الشعبي ذلك فدخله