صار التغزل في هواه عتابا

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

صار التغزل في هواه عتابا

​صار التغزل في هواه عتابا​ المؤلف الخُبز أَرزي


صار التغزُّل في هواه عتابا
فهواه يمزج بالنعيم عذابا
ما ضرَّ مَن أخلصتُ في دين الهوى
لرضاه لو جعل الوفاءَ ثوابا
نقض العهودَ وحلَّ عقدَ ضمانِهِ
من بعد ما عذب الوصالُ وطابا
وأمنتُه فأتاح لي من مأمني
غدراً كذا مَن يأمن الأحبابا
فإذا أردتُ عتابَه لجنايةٍ
جعل التقطُّبَ للعتاب جوابا
خدَعُ الوساوسِ لم تزل لي حيلةً
حتى أمنتُ على الغزال كلابا
إن السلوَّ لَرَاحةٌ وصيانة
للحرِّ لو أن السلوَّ أجابا
ومن العجائب أن يُذيبَ مفاصلي
مَن لو جرى نَفسي عليه لذابا
إلفٌ يعاقبني لأني محسن
أرأيتَ إحساناً يجرُّ عقابا
جرَّبتُ أيماناً له فوجدتها
كذباً فصرتُ بصدقها مُرتابا
فَدَع التصابي للشباب فإنه
وَصمٌ على ذي الشيب أن يتصابى
وامدح رئيسَ بلاغةٍ وكتابةٍ
زانَ الولاةَ وشرَّف الكُتّابا
يا أحمد بن عَليّ الباني العلا
والمُستعدُّ لكل خطبٍ نابا
أملي إليك تطلَّعت أسبابُهُ
والجاه منك يولِّدُ الأسبابا
وإليك أبواب الرجاء تفتَّحت
فافتح لهنَّ من العناية بابا
وأثرِ رياحَ وسائلٍ لمؤمِّلٍ
فعسى يُثِرنَ من النجاح سحابا
واقصِد بأذرعك الذريعة إنها
تكسوكَ من حُسن الثناء ثيابا
واعلم يقيناً أنه لم ينتصب
لشفاعةٍ إلا الكريم نصابا
هذا النبيُّ مُكرَّماً بشفاعة
للناس إذ لا يملكُون خطابا
ولقوله صلّى عليه إلهُهُ
وكفى بما قال النبيُّ صوابا
نعم عليكم ذي الحوائج عندكم
واللهُ أوجَبَ شكرَها إيجابا
وإذا أحَبَّ اللّهُ عبداً منكم
أجرى على يدِهِ النجاحَ مثابا
وكفى بآداب المبارك قدوةً
وهُدىً لمَن يتخيَّرُ الآدابا
فافهم هديتَ وأنتَ غيرُ مفهَّمٍ
إن الصَّنائع يمتلكنَ رقابا
وإذا الخلائق في الرقاب تفاضلت
كانت فضائلهم لها أنسابا
واللَهُ عن علم أتاك مواهباً
إذ كنتَ تُحسِن تشكر الوهّابا
فبسطتَ للحاجات نفساً رحبةً
لو قُسِّمت خِطَطاً لَكُنَّ رِحابا
وخلائقاً لك عذبة لو أنها
ماءٌ لَجُرِّدَ للملوك شرابا
وقريحةً نوريَّةً لو جُسِّمت
كانت لأقراط الذكاء شهابا
ومواعداً لك ينبجسن ينابعاً
إذ وعد غيرِك يستحيل سرابا
ومكارماً تابعتَهنَّ كأنما
تقرا بهنَّ على الأنام كتابا
واللَه يعلم حيث يجعل فضلَه
وكفى بذلك للحسود جوابا
هذا مقال من فعالك يحتذى
فاسمعه لا لغواً ولا كِذّابا
يمتاز فعلُك بين أفعال الورى
تبراً ويترك ما سواه ترابا
خُذها إليك أبا الحسين عروسةً
زَفَّت إليك علا النهود شبابا
فإذا بدت من خدرها جُعلت لها
حركات أفهام الرجال نهابا
فيظن سامعُها لحُسن نظامها
أن قد نثرتُ لسامعيه سِخابا
ويظن منشدها لعذب كلامها
أن قد ترشَّف للحبيب رضابا
لا زلتَ مبسوط اليدين بنعمةٍ
وبسطوةٍ كي تُرتجَى وتهابا