شرح قطر الندى - ت: محمد محيي الدين عبد الحميد/المعرب والمبني
فأما باب خدام » ونحوه : فأهْلُ الحجاز ينتونه على الكسر مطلقاً ؛ فيقولون : « جاءتني حذام ، وَرَأَيْتُ حَذَام ، ومَرَرْتُ بحذام » ، وعلى ذلك قول الشاعر :
فذكرها في البيت مرتين مكسورة ، مع أنها فاعل .
وافترقت بنو تميم فرقتين ؛ فبعضهم يعرب ذلك كله : بالضم رفعا٢، وبالفتح نصبا وجرا ؛ فيقولُ « جَاءتْنِي حَذَامُ ، بالضم ، و « رَأَيْتُ عَذَامَ ، وَمَرَرْتُ مجدام ، بالفتح ، وأكثرهم يفصل بين ما كان آخره راء - كوبار : اسم القبيلة ، وَحَضَارِ : اسم لكوكب ، وسفار : اسم لماء - فيبنيه على الكسر ، كالحجازيين ٣ وما ليس آخره راء - كَحَذَام ، وقطام - فيفريه إعراب ما لا ينصرف . وأما « أمس ، إذا أردت به اليوم الذى قبل يومك ، فأهل الحجاز يبنونه على الكسر ؛ فيقولون : « مَضَى أمس ، واعتكفتُ أمس ، وما رأيته من أمس ، بالكسر فى الأحوال الثلاثة ، قال الشاعر :
فأنس في البيت فاعل يمضى ، وهو مكسور كما ترى
وافترقت بنو تميم فرقتين ؛ فمنهم من أهربه : بالضمة رفعا ، وبالفتحة مطلقاً ، فقال : مَضَى أمس ، بالضمة ، واعتكنتُ أمْ ، وما رأيتُهُ مُذ أنس ، بالفتح ، قال الشاعر :
- ↑ البيتان قيل : إنهما لديسم بن طارق أحد شعراء الجاهلية . والصواب كما في اللسان
( مادة رقش ) أنهما للجيم بن صعب والد حنيفة وعجل ، وحذام امرأته وفيها يقولهاء
والبيت الثانى من شواهد ابن عقيل (رقم (١٦) واستشهد به الأشموني في باب مالا ينصرف
والمؤلف في كتابه أوضح المسالك ( رقم ٤٨١) وفى كتابه شذور الذهب ( رقم ۳۸ )
وأنشده قبلهم ابن جني في الخصائص ( ٥٦٩/١ )
اللغة : « المزعجات » جمع مزعجة ، وهو اسم الفاعل المؤنث من الإزعاج ، وهو الإقلاق القطاع طائر يشبه الحمام والمنام» النوم وقالت فعل ماض من القول « حذام » . اسم امرأة الشاعر كما عرفت «صدقوها السبوها الصدق ، ولا ترموها بالكذب المعنى : هذه المرأة صادقة فى كل ما تذكره من قول ؛ فإذا قالت لكم قولا فاعلموا أنه القول المعتد به الذى لا خلافه ، فيلزمكم تصديقها والتيقن بما تقول .
الإعراب: «إذا ظرف لما يستقبل من الزمان . خافض اشرطه منصوب بجوابه ، مبني على السكون في محل نصب قالت قال : فعل ماض ، والتاء علامة التأنيث حرف لا محل له من الإعراب نام فاعل يقال ، مبنى على الكسر في محل رفع ، والجملة في عمل جر بإضافة إذا إلها (فصدقوها الفاء واقعة في جواب إذا ، صدقوا : فعل أمر مبني على حذف النون ، وواو الجماعة فاعل مبني على السكون في محل رفع ، وها : مفعول به مبنى على السكون في محل نصب ، وجمة فعل الأمر وفاعله ومقسوله لا محل لها من الإعراب جواب إذا الشرطية ، وكانت الجملة لا حول لها لأن إذا أداة شرط غير عاملة جزما فإن الفاء حرف دال على التحليل ، إن : حرف توكيد ونصب القول ) اسم إن منصوب بالفتحة الظاهرة وما اسم موصول خبر إن ، مبنى على السكون في محل رفع «قالت» قال: فعل ماض ، والتاء علامة التأنيث حذام» فاعل قال ، مبنى على المكسر في محل رفع ، وجمة الفعل وفاعله لا محل لها من الإعراب صلة الموصول ، والعائد ضمير محذوف منصوب بقال ، وتقدير الكلام : فإن القول هو الذى قالته حذام.= الشاهد فيه : قوله ( حدام ) في الموضعين ؛ فإن الرواية فيهما بكسر الميم بدليل القوافى فى السكلمة الثانية ، وهى فاعل في الموضعين جميعا ، ونحن نعلم أن الفاعل لا بد من أن يكون مرفوها ،
فلما لم يكن ههنا مرفوعا في اللفظ جزمنا بأنه مرفوع في المهل ، وهذا معنى كونه مبنيا ، وهذه لغة الحجازيين ؛ وخالفهم بنو تميم، وتفصيل مقالتهم في الشرح .
- ↑ وعلى هذه اللغة ورد قول الفرزدق ، وهو شاعر من بني تميم تنَدِمتُ نَدَامَةَ الكَسَى لَمَّا غَدَتْ مِنِّي مُطَلقَةٌ نَوَارُ وَلَوْ أَنَّى مَلَكْتُ يَدَى وَنَفْسِي لسكان إلى القدر الخيار الشاهد في قوله «نوار فإنه جاء به مرفوعا بالضمة الظاهرة لكونه فاعل وغدت ) بدليل القافية في البيت الثاني .
- ↑ من ذلك قول الفرزدق هام بن غالب - وهو من شواهد كتاب شذور الذهب للمؤلف ( ش (۳۹) ، واستشهد به أيضا صاحب لسان العرب وصاحب معجم البلدان : متى ما تَردْ يَوْماً سفار تجد بها أديهم يري التفجير المورا المُسْتَجِير
- ↑ ٢ - هذه الأبيات لتبع بن الأقرن ، أولاً سقف نجران ، وقد استشهد المؤلف في
التوضيح بالشطر الأخير من هذه الأبيات في مالا ينصرف (رقم ٤٨٤) وذكر الأبيات= كلها في كتابه شذور الذهب ( ش ٤١ ) وذكر البيتين ابن منظور في لسان العرب
( أم س ) .
اللغة : البقاء أراد به الدوام والخلود الورس) هو الزعفران و بفصل قضائه ) أراد بقضائه الفاصل ، أي : القاطع، فالمصدر بمعنى اسم الفاعل ، وإضافته لما بعده من إضافة الصفة الموصوف
المعنى : إن الخلود في هذه الدنيا ممتنع غير ممكن لأحد ، والدليل على امتناعه ما نشاهده من تقلبات الأحوال ، فالشمس - وهى كوكب عظيم جداً - ليست بباقية على حالة واحدة ، بلى يعتريها التغير والأقول ، ألا تراها تطلع من جهة غير الجهة التي تغرب فيها ، ثم الاتراها تطلع حمراء صافية، ثم تغرب صفراء تشبه الزعفران في صفرتها ثم يقول : أنا أعلم ما يحصل في وقت الحاضر لأنى مشاهد له ، وقد أحتال على أن أعمل شيئاً ، ولكن ما حدث أمس منى ومن غيرى لا يمكن لي أن أرده ، لأنه قد ذهب وانقطع ، ومن لا حيلة له كيف يأمل الخلود ؟
الإعراب : ( منع ( فعل ماض و البقاء ( مفعول به مقدم على الفاعلى ، منصوب بالفتحة الظاهرة «تقلب» فاعل منع ، مرفوع بالضمة الظاهرة، وتقلب مضاف و«الشمس» مضاف إليه وطلوعها الواو حرف عطف ، طلوع : معطوف على تقلب ، والمعطوف على المرفوع، رفوع ، وطلوع مضافوها : مضاف إليه ، مبنى على السكون في محل جر «من» حرف جر (حيث ظرف مكان مبنى على الضم في محل جر بمن ، والجار والمجرور متعلق بالموع (لا) نافية ( تمسى فعل مضارع ، مرفوع بضمة مقدرة على الياء منع من ظهورها النقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازاً تقديره هي يعود إلى الشخص ، وجملة الفعل وفاعله في محل جر بإضافة حيث إليها وطلوعها» الواو حرف عطف ، طلوع : معطوف أيضا على نقلب وهو مضاف وها : مضاف إليه وحمراء» حال من ضمير المؤنث المجرور محلا بإضافة طلوع إليه صافية ) صفة الحمراء، أو حال ثان وغروبها الواو عاطفة، غروب : معطوف على تقلب، وهو مضاف وها : مضاف إليه «صفراء » حال من «ها المجرور محلا بإضافة غروب إليها ( كالورس) جار ومجرور متعلق بمحذوف حال ثان؛ أو صفة الصفراء «اليوم» بالرفع مبتدأ مرفوع بالا بتداء وعلامة رفعه الضمة الظاهرة ، أو بالنصب على الظرفية الزمانية أعلم» فعل مضارع= مرفوع بالضمة الظاهرة، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا ما اسم موصول : مفعول به لأعلم ، مبنى على السكون في محل نصب » يجيء ) فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازاً تقديره هو يعود إلى اليوم ( به ) جار و مجرور متعلق بيجىء ، وحملة يجيء مع فاعله لا محل لها من الإعراب صلة الموصول وهو ما ، وجملة أعلم مع فاعله في محل رفع خبر المبتدأ وهو اليوم إذا قرأته بالرفع ، وهو أجود
الشاهد فيه : قوله ( أمس في آخر الأبيات ؛ فإن هذه الكلمة قد وردت مكسورة الآخر، بدليل قوافي الأبيات كلها ، وهى فاهل لمضى، ومن هنا تعلم أن المكلمة مبنية على الكسر في محل رفع ، لأن الفاعل لا يكون إلا مرفوعا : إما الاظا ، أو تقديراً ، وإما ملا
- ↑ ٣ - هذه الأبيات من الشواهد التى لا يعرف قائلها ، وقد أنشد سيبويه البيت الأول
منها ( ج ٢ ص ٤٤ ) ، وقد استشهد الأشموني بالبيت الأول منها كذلك في باب الاسم
الذي لا ينصرف ، وذكر هذه الأبيات كلها أبو زيد في نوادره ، وذكر الأعلم في شرح
شواهد كتاب سيبويه الثاني : ، وروى المؤلف الأبيات الأربعة الأولى في كتاب الشذور
( ش ٤٢ )
اللغة ( عجائزا ، جمع مجوز ، وهى المرأة الطاعنة فى السن (السعالى ) بفتح الدين جمع سعلاة - بكسر السين وسكون العيز وهى الغول ، وقيل : ساحرة الجن «هما» الهم الخفاء وعدم الظهور لا ترك الله لمن ضرسا يدعو عليه من بذهاب أضراسمن وقوله « ولا لقين الدهر - إلخ » دعاء عليهن أيضاً .