شرح تشريح القانون لابن سينا/القسم الثاني/الفصل الثالث

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة



فصل

تشريح الأذن


قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه اعلم أن الأذن عضو خلق... إلى آخر الفصل.

الشرح

كل حيوان يلد فله أذن بارزة ولا كذلك الحيوان الذي يبيض وذلك لأن آلة السمع تحتاج إلى صلابة ولذلك جعل عصبها من الزوج الخامس، وجعل منفذها من العظم الحجري كل ذلك لتكون هذه الآلة، صلبة وذلك لأن هذه الصلابة تعين على الصوت بقرع الهواء الحامل للصوت لها ولذلك فإن ما كان من الحيوان كثير الرطوبة حتى لا تكون هذه الآلة فيه شديدة الصلابة فإن ما كان سمعه لا يخلو من ضعف ولذلك خلق الإنسان يستعين على جودة سمعه بالأذن البارزة فإن هذه تعين على السمع بجمعها للهواء وكذلك الحيوان الكثير اليبوسة فإن سمعه لقوته يستغني عن تقوية هذه الآلة للسمع فلذلك كل حيوان يلد وله أذن بارزة لأن الحيوان إنما يلد إذا كان كثير الرطوبة حتى يمكنه أن يمد الجنين بالغذاء من رطوبة بدنه إلى أن يعظم، وكل حيوان يبيض فإن لا أذن له بارزة. فإن الحيوان إنما يبيض إذا كان بدنه قليل الرطوبة جداً حتى لا يكون فيه من الرطوبة ما يمد الجنين بالغذاء مدة تكونه.

وليس لقائل أن يقول: لو كان الأمر كذلك لكان السمك أولى بأن تكون له أذن بارزة وبأن يلد لأن رطوبات السمك كثيرة إلا أن نقول إن السمك لا شك أن رطوبة أعضائه كثيرة ولكن ليس في بدنه رطوبات تفضل لغذاء الجنين ولذلك فإن دمه قليل جداً، وسبب ذلك أن جميع ما يرد إليه من الرطوبات فإنه ينصرف إلى تغذية أعضائه فلا تبقى في بدنه رطوبة تستحق أن يندفع عنه إلى غذاء غيره أو إلى غير ذلك بخلاف الماشية ونحوها. وكل حيوان له أذن بارزة فإنه يحركها ليتوصل بذلك إلى جميع الهواء الحامل للصوت إلى جميع الجهات اللهم إلا كثيراً من أشخاص الإنسان فإنهم لا يحركون آذانهم.

وسبب ذلك أن الإنسان يسهل عليه توجيه ثقب أذنه إلى جميع الجهات لأجل سهولة حركة رأسه لذلك ولا كذلك غيره من الماشية ونحوها، وكذلك كل حيوان له أذن بارزة غير الإنسان فإن أذنيه تكونان فوق رأسه وذلك لأجل طأطأة رأسه خاصة عند المرعى، ونحو ذلك بخلاف الإنسان فإن أذنيه في وسط جانبي رأسه وذلك لأن الإنسان يسهل عليه تحريك رأسه إلى جميع الجهات.

وقوله: وجعل له صدف معوج ليحبس جميع الصوت أما فائدة صدفة الأذن فليكون له آلة لجمع الصوت كما في رأسي الباذهنج.

وأما فائدة تعويجه وتعريجة فليكون ما يقع في داخل هذه الصدفة ممنوعاً فيها من التعريج عند دخول ذلك الشيء في ثقب الأذن. وذلك لأجل احتباسه في ذلك التعريج.

قوله: وهذه العصبة في أحوال السمع كالجليدية في أحوال الإبصار هذا بناء على قولهم إن وقوع أشباح المرئيات هو على سطح الجليدية ونحن قد أبطلناه.

وألفاظ باقي الفصل ظاهرة. والله ولي التوفيق.