شجاها أن تزيد العيد جاها

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

شجاها أن تزيد العيد جاها

​شجاها أن تزيد العيد جاها​ المؤلف أمين تقي الدين


شجاها أن تزيد العيد جاها
فنادتني فلباها فتاها
أنا من تعلمين فتى القوافي
إذا أطريت أستاذي أباها
أجل الحكمة الغراء أما
وأكرم شيخها الباني علاها
حماها للبيان حمى عزيزا
وأدبني فتيا في حماها
سواء نحن لم نعظم سواه
ولم يعظم سواي ولا سواها
وضعت عمامتي ونشدت ندي
أنا ابن جلا ومثلك من جلاها
وهبني قلت مثلك بيد أني
أراك ولا أرى لك أن تضاهى
عذيري أن أباهي في بياني
فمن أدبت يعذر إن تباهى
أنا من أمة أطلعت منها
هدى حقا وأقلاما نزاها
ترى أم اللغات أبر أم
بعزتها وإن كثرت لغاها
وإنك خير من ركنت إليه
فقاد جنودها وحمى لواها
أخذنا عنك عاطرة المعاني
وفرقنا على الدنيا شذاها
ونفسك وهي لم تبرح هدانا
أضأنا كل قطر من هداها
ألست إمام من نظم القوافي
فأرقصت النفوس على صداها
غوان في كساء جاهلي
بروحي اليوم عصريا كساها
أعارتها البداوة كل حسن
وزادتها الحضارة من سناها
لبست عباءة العربي تزهي
بها حتى برزت من ارتداها
ووشتها علوم اليوم وشيا
كأن سناءه من كهرباها
وقد أحيت لنا العصر الخوالي
روايات أجلك من رواها
كأنك كنت رافائيل فنا
تضيف لفنه لغة وفاها
رأى فأجادها صورا ومعنى
وأستاذي أجاد وما رآها
سلوا الفصحى فهل ظفرت بواق
سوى القرآن قبلك قد وقاها
كشفت كنوزها للعلم حتى
لتحسدها اللغات على غناها
وخفت على جواهرها فلما
أتى البستان يحميها حماها
أما والله لو حدثت نفسا
حديثك وهي ذات تقي زهاها
هزرت النفس ألتمس التصابي
فهزتني وقد لمست صباها
رأت من كوة الأيام نورا
أعاد لها خيالا من بهاها
وشاقتها عهود كنت فيها
تهذبها وتكبر مشتهاها
ويوم تبث روحك في دماها
ويوم تصون إن عبثت حياها
كريما غير مانعها جميلا
كأنك نعمة بلغت مداها
وترضي إن لمحت الفضل فيها
كأن رضاك شيء من رضاها
وتلمس ضعفها فتديل منه
قوى حق تعزز من قواها
حليما لو غضبت ورب نفس
على غضباتها يجلي صفاها
بنفسي نفسك البادي سناها
إذا ضحكاتها علت الشفاها
فشفت عن تواصفها ونمت
عن الخلق الكريم متى ثناها
فما ملك أرق وقد تراضي
ولا طفل أحب وقد تلاها
رأيتك والثمانون الغوالي
تسير بها على مهل خطاها
لقد حملتها أدبا وعلما
فناء بما تحمل كاهلاها
فلم أر مثله عمرا نمته
إلى المجد الكرائم أو نماها
أرى الدنيا قلوبا مثل قلبي
ترف عليك تستجدي الإله
حياتك منه ورضاك نعمى
فعش للفضل واستبق الرفاها
إذا رزق السلامة ندب قوم
فقد رزقوا به عزا وجاها
سألت الحكمة الغراء أمي
أقصر في المهمة من قضاها
وهل أدى الرسالة وهي حق
كما ابتغت الفصاحة وابتغاها
ألا في ذمة الدهر القوافي
إذا تاهت بسيدها وتاها