سير أعلام النبلاء/حفص بن غياث

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة


حفص بن غياث

حفص بن غياث ع ابن طلق بن معاوية بن مالك بن الحارث بن ثعلبة بن عامر بن ربيعة بن عامر بن جشم بن وهبيل بن سعد بن مالك بن النخع الإمام الحافظ العلامة القاضي أبو عمر النخعي الكوفي قاضي الكوفة ومحدثها وولي القضاة ببغداد أيضا مولده سنة سبع عشرة ومئة وسمع من عاصم الأحول وسليمان التيمي ويحيى بن سعيد وهشام بن عروة ويزيد بن أبي عبيد والعلاء بن المسيب والأعمش ومحمد بن زيد بن المهاجر وابن جريج وأبي إسحاق الشيباني وأبي مالك الأشجعي وحبيب بن أبي عمرة وبريد بن عبد الله بن أبي بردة وعبيد الله بن عمر وليث بن أبي سليم وهشام بن حسان والعلاء بن خالد وجده طلق وخلق سواهم وعنه يحيى بن سعيد القطان رفيقه وابن مهدي وابن عمه طلق بن غنام وابنه عمر بن حفص ويحيى بن يحيى وأحمد وإسحاق ويحيى وعلى وابنا أبي شيبة وأحمد الدورقي وسفيان ابن وكيع وسلم بن جنادة وسهل بن زنجلة وصدقة بن الفضل وأبو سعيد الأشج وعلي بن خشرم وعمرو الناقد وابن نمير وهارون بن إسحاق وهناد وأبو كريب وأبو هشام الرفاعي وأمم سواهم آخرهم أحمد بن عبد الجبار العطاردي قال أحمد بن كامل ولى الرشيد قضاء الشرقية ببغداد حفصا ثم نقله إلى قضاء الكوفة قال أبو جعفر الجمال آخر القضاة بالكوفة حفص بن غياث يعني الاكابر وقال يحيى بن معين وغيره ثقة قال عبد الخالق بن منصور سئل يحيى أيهما احفظ ابن إدريس أو حفص فقال ابن إدريس كان حافظا وكان حفص صاحب حديث له معرفة قيل فابن فضيل قال كان ابن إدريس أحفظ وقال العجلي ثقة مأمون فقيه كان وكيع ربما يسأل عن الشيء فيقول اذهبوا إلى قاضينا فسألوه وكان شيخا عفيفا مسلما وقال يعقوب بن شيبة حفص ثقة ثبت إذا حدث من كتابه ويتقى بعض حفظه وروي عن يحيى القطان قال حفص أوثق أصحاب الأعمش وقال محمد بن عبد الله بن نمير حفص أعلم بالحديث من ابن إدريس أبو حاتم عن أحمد بن أبي الحواري قال حدثت وكيعا بحديث فعجب فقال من جاء به قلت حفص بن غياث قال إذا جاء به أبو عمر فأي شيء نقول نحن وقال أبو زرعة ساء حفظه بعدما استقضي فمن كتب عنه من كتابه فهو صالح وقال أبو حاتم هو أتقن وأحفظ من أبي خالد الأحمر محمد بن عبد الرحيم صاعقة عن ابن المديني قال كان يحيى يقول حفص ثبت قلت إنه يهم فقال كتابه صحيح قال يحيى لم أر بالكوفة مثل هؤلاء الثلاثة حزام وحفص وابن أبي زائدة كان هؤلاء أصحاب حديث قال علي فلما أخرج حفص كتبه كان كما قال يحيى إذا فيها أخبار وألفاظ عباس عن يحيى قال حفص أثبت من عبد الواحد بن زياد وأثبت من ابن إدريس وقال النسائي وغيره ثقة وقال ابن معين جميع ما حدث به حفص ببغداد والكوفة إنما هو من حفظه ولم يخرج كتابا كتبوا عنه ثلاثة آلاف حديث أو أربعة آلاف من حفظه وقال أبو داود كان عبد الرحمن بن مهدي لا يقدم بعد الكبار من أصحاب الأعمش غير حفص بن غياث وكان عيسى بن شاذان يقدم حفصا وبعض الحفاظ قدم أبا معاوية وقال داود بن رشيد حفص كثير الغلط وقال ابن عمار كان حفص لا يرد على أحد حرفا يقول لو كان قلبك فيه لفهمته وكان عسرا في الحديث جدا لقد استفهمه إنسان حرفا في الحديث فقال والله لا سمعتها مني وأنا أعرفك وقلت له مالكم حديثكم عن الأعمش إنما هو عن فلان عن فلان ليس فيه حدثنا ولا سمعت قال فقال حدثنا الأعمش قال سمعت أبا عمار عن حذيفة يقول ليأتين أقوام يقرؤون القرآن يقيمونه إقامة القدح لا يدعون منه ألفا ولا واوا ولا يجاوز إيمانهم حناجرهم قال وذكر حديثا آخر مثله قال وكان عامة حديث الأعمش عند حفص على الخبر والسماع قال ابن عمار وكان بشر الحافي إذا جاء إلى حفص بن غياث وإلى أبي معاوية اعتزل ناحية ولا يسمع منهما فقلت له فقال حفص هو قاض وأبو معاوية مرجىء يدعو إليه وليس بيني وبينهم عمل قال إبراهيم بن مهدي سمعت حفص بن غياث وهو قاض بالشرقية يقول لرجل يسأل عن مسائل القضاء لعلك تريد أن تكون قاضيا لأن يدخل الرجل أصبعه في عينه فيقتلعها فيرمي بها خير له من أن يكون قاضيا قال أبو بكر بن أبي شيبة سمعت حفص بن غياث يقول والله ما وليت القضاء حتى حلت لي الميتة ومات يوم مات ولم يخلف درهما وخلف عليه تسع مئه درهم دينا قال سجادة كان يقال ختم القضاء بحفص بن غياث قال سعيد بن سعيد الحارثي عن طلق بن غنام قال خرج حفص يريد الصلاة وأنا خلفه في الزقاق فقامت امرأة حسناء فقالت أصلح الله القاضي زوجني فإن أخوتي يضرون بي فالتفت إلي وقال يا طلق اذهب فزوجها إن كان الذي يخطبها كفؤا فإن كان يشرب النبيذ حتى يسكر فلا تزوجه وإن كان رافضيا فلا تزوجه فقلت لم قلت هذا قال إن كان رافضيا فإن الثلاث عنده واحدة وإن كان يشرب النبيذ حتى يسكر فهو يطلق ولا يدري وعن وكيع قال أهل الكوفة اليوم بخير أميرهم داود بن عيسى وقاضيهم حفص بن غياث ومحتسبهم حفص الدورقي وقال محمد بن أبي صفوان الثقفي سمعت معاذ بن معاذ يقول ما كان أحد من القضاة يأتيني كتابه أحب إلي من كتاب حفص وكان إذا كتب إلي كتب أما بعد أصلحنا الله وإياك بما أصلح به عباده الصالحين فإنه هو الذي أصلحهم فكان ذلك يعجبني من كتابه قال يحيى بن زكريا بن حيويه قدم إلينا محمد بن طريف البجلي رطبا فسألنا أن نأكل فأبيت عليه فقال سمعت حفص بن غياث يقول من لم يأكل طعامنا لم نحدثه قال عمر بن حفص سمعت أبي يقول مررت بطاق اللحامين فإذا بعليان جالس فسمعته يقول من أراد سرور الدنيا وحزن الآخرة فليتمن ما هذا فيه فوالله لقد تمنيت أني كنت مت قبل أن ألي القضاء وقال بشر الحافي قال حفص بن غياث لو رأيت أني أسر بما أنا فيه لهلكت أخبرنا المسلم بن محمد في كتابه أخبرنا الكندي أخبرنا القزاز أخبرنا الخطيب أخبرنا القاضي أبو الطيب وابن روح قالا أخبرنا المعافى بن زكريا حدثنا محمد بن مخلد حدثني أبو علي بن علان إملاء سنة 266 حدثني يحيى بن الليث قال باع رجل من أهل خراسان جمالا بثلاثين ألف درهم من مرزبان المجوسي وكيل أم جعفر فمطله بثمنها وحبسه فطال ذلك على الرجل فأتي بعض أصحاب حفص بن غياث فشاوره فقال اذهب إليه فقل له أعطني ألف درهم وأحيل عليك بالمال الباقي وأخرج إلى خراسان فإذا فعل هذا فالقني حتى أشير عليك ففعل الرجل وأعطاه مرزبان ألف درهم قال فأخبره فقال عد إليه فقل إذا ركبت غدا فطريقك على القاضي تحضر وأوكل رجلا يقبض المال وأخرج فإذا جلس إلى القاضي فأدع عليه بمالك فإذا أقر حبسه حفص وأخذت مالك فرجع إلى مرزبان وسأله فقال أنتظرني بباب القاضي فلما ركب من الغد وثب إليه الرجل فقال إن رأيت أن تنزل إلى القاضي حتى أوكل بقبض المال وأخرج فنزل مرزبان فتقدما إلى حفص بن غياث فقال الرجل أصلح الله القاضي لي على هذا الرجل تسعة وعشرون ألف درهم فقال حفص ما تقول با مجوسي قال صدق أصلح الله القاضي قال ما تقول يا رجل فقد أقر لك قال يعطيني مالي فقال ما تقول قال هذا المال على السيدة قال أنت أحمق تقر ثم تقول هو على السيدة ما تقول يا رجل قال أصلح الله القاضي إن أعطاني مالي وإلا حبسته قال ما تقول يا مجوسي قال المال على السيدة قال القاضي خذوا بيده إلى الحبس فلما حبس بلغ الخبر أم جعفر فغضبت وبعثت إلى السندي وجه إلى مرزبان وكانت القضاة تحبس الغرماء في الحبس فعجل السندي فأخرجه وبلغ حفصا الخبر فقال أحبس أنا ويخرج السندي لا جلست أو يرد مرزبان الحبس فجاء السندي إلى أم جعفر فقال الله الله في إنه حفص بن غياث وأخاف من أمير المؤمنين أن يقول لي بأمر من أخرجت رديه إلى الحبس وأنا أكلم حفصا في أمره فأجابته فرجع مرزبان إلى الحبس فقالت أم جعفر لهارون قاضيك هذا أحمق حبس وكيلي واستخف به فمره لا ينظر في الحكم وتولي أمره إلى أبي يوسف فأمر لها بالكتاب وبلغ حفصا الخبر فقال للرجل أحضرني شهودا حتى أسجل لك على المجوسي بالمال فجلس حفص فسجل على المجوسي بالمال وورد كتاب هارون مع خادم له فقال هذا كتاب أمير المؤمنين قال مكانك نحن في شيء حتى نفرغ منه فقال كتاب أمير المؤمنين قال انظر ما يقال لك فلما فرغ حفص من السجل اخذ الكتاب من الخادم فقرأه فقال أقرأ على أمير المؤمنين السلام وأخبره أن كتابه ورد وقد أنفذت الحكم فقال الخادم قد والله عرفت ما صنعت أبيت أن تأخذ كتاب أمير المؤمنين حتى تفرغ مما تريد والله لأخبرنه بما فعلت قال له قل له ما أحببت فجاء الخادم فأخبر هارون فضحك وقال للحاجب مر لحفص بثلاثين ألف درهم فركب يحيى بن خالد فاستقبل حفصا منصرفا من مجلس القضاء فقال أيها القاضي قد سررت أمير المؤمنين اليوم وأمر لك بمال فما كان السبب في هذا قال تمم الله سرور أمير المؤمنين وأحسن حفظه وكلاءته ما زدت على ما أفعل كل يوم قال على ذلك قال ما أعلم إلا أن يكون سجلت على مرزبان المجوسي بما وجب عليه قال فمن هذا سر أمير المؤمنين فقال حفص الحمد لله كثيرا فقالت أم جعفر لهارون لا أنا ولا أنت إلا أن تعزل حفصا فأبى عليها ثم ألحت عليه فعزله عن الشرقية وولاه قضاء الكوفة فمكث عليها ثلاث عشرة سنة قال وكان أبو يوسف لما ولي حفص قال لأصحابه تعالوا نكتب نوادر حفص فلما وردت أحكامه وقضاياه علي أبى يوسف قال له أصحابه أين النوادر التي زعمت تكتبها قال يحكم إن حفصا أراد الله فوفقه قال أحمد بن حنبل رأيت مقدم فم حفص بن غياث مضببة أسنانه بالذهب وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل سمعت أبي يقول في حديث حفص بن غياث عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس عن النبي خمروا وجوه موتاكم ولا تشبهوا باليهود فأنكره أبي وقال أخطأ قد حدثناه حجاج عن ابن جريج عن عطاء مرسلا وسئل يحيى بن معين عن حديث لحفص بن غياث عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر كنا نأكل ونحن مع رسول الله ونحن نمشي فقال لم يحدث به إلا حفص كأنه وهم فيه سمع حديث عمران بن حدير فغلط بهذا ويروى عن أحمد أنه قال كان حفص يخلط في حديثه قلت احتج بهذه الكلمة بعض قضاتنا على أن حفصا لا يحتج به في تفرده عن رفاقه بخبر فينادي بصوت إن الله يأمرك أن تبعث بعثا إلى النار فهذه اللفظة ثابتة في صحيح البخاري وحفص فحجة والزيادة من الثقة فمقبولة والله أعلم أخبرنا أبو المعالي أحمد بن إسحاق بقراءتي أخبرنا أحمد بن يوسف الدقاق والفتح بن عبد الله قالا أخبرنا أبو الفضل محمد بن عمر القاضي وقرأت على أحمد بن هبة الله عن عبد المعز بن محمد أخبرنا يوسف بن أيوب الزاهد قالا أخبرنا أبو الحسين أحمد ابن محمد البزاز أخبرنا علي بن عمر الحربي حدثنا أحمد بن الحسن الصوفي حدثنا يحيى بن معين حدثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله من أقال مسلما عثرته أقاله الله عز وجل يوم القيامة أخرجه أبو داود عن يحيى فوقع موافقة عالية ورواه عبد الله ابن أحمد في زيادات المسند عن يحيى وهو يعد في أفراد يحيى بن معين أنبأني الخضر بن عبد السلام الجويني وأحمد بن عبد السلام وأحمد بن أبي الخير إجازة عن عبد المنعم بن كليب وقرأت على محمود بن أبي بكر اللغوي أخبرنا النجيب عبد اللطيف بن الصيقل أخبرنا ابن كليب أخبرنا علي بن أحمد الرزاز أخبرنا محمد بن محمد أخبرنا إسماعيل الصفار حدثنا الحسن بن عرفة حدثني حفص بن غياث عن حجاج بن أرطاة عن محمد بن عبد العزيز الراسبي عن مولى لأبي بكرة عن أبي بكرة قال قال رسول الله ذنبان يعجلان ولا يغفران البغي وقطيعة الرحم أخبرنا الحسن بن علي أخبرنا سالم بن الحسن أخبرنا نصر الله القزاز أخبرنا أبو سعد بن حشيش أخبرنا أبو علي بن شاذان أخبرنا أبو عمرو بن السماك حدثنا محمد بن عبيد الله المنادي حدثنا حفص ابن غياث حدثنا الحجاج عن معروف قال خرجنا بأكلب لنا فاستقبلنا عبد الله بن عمر فقال إذا أرسلتموها فقولوا بسم الله اللهم اهد صدورها قال هارون بن حاتم سمعت حفص بن غياث يقول ولدت سنة سبع عشرة ومئة قال هارون وفلج حفص حين مات ابن إدريس فمكث في البيت إلى أن مات سنة أربع وتسعين ومئة في العشر وصلى عليه الفضل بن العباس أمير الكوفة يومئذ وفيها أرخ موته خليفة وابن نمير وأبو سعيد الأشج والعطاري وأما سلم بن جنادة فقال مات سنة خمس وتسعين وقال محمد بن المثنى وأبو حفص الفلاس مات سنة ست وتسعين والصحيح الأول


سير أعلام النبلاء للحافظ الذهبي
الجزء الأول | الجزء الثاني | الجزء الثالث | الجزء الرابع | الجزء الخامس | الجزء السادس | الجزء السابع | الجزء الثامن | الجزء التاسع | الجزء العاشر