سوابق عبرتي سحي وفيضي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

سوابق عبرتي سحي وفيضي

​سوابق عبرتي سحي وفيضي​ المؤلف الحكم بن أبي الصلت


سوابق عبرتي سحي وفيضي
وإن تعص الدموع فلا تغيض
فقد أخذ الردى من كان مني
بمنزلة الشفاء من المريض
وما وقي الردى بطعان سمر
وشد سوابق وقراع بيض
أبا حفص ذهبت بحسن صبري
وبنت فبان عن عيني غموضي
خلصت إلى النعيم وبي اشتياق
دفعت به الطويل إلى العريض
فما أصبو إلى عب الحميا
ولا أهفو إلى نغم الغريض
ذهبت فمن تركت لكل معنى
شديد اللبس بعدك والغموض
ومن خلفت بعدك للمعمي
وللشعر المحكك والعروض
ويا لرجاء نفس فيك أفضى
إلى نبأ بموتك مستفيض
مصاب صاب بالمهجات فيضي
ورزء قال للعبرات فيضي
فإن قصرت في البابين فاعذر
فقد شغل الجريض عن القريض
شرقت بأدمعي وصليت وحدي
فها أنا منك في طرفي نقيض
سقاك وجاد قبرك صوب مزن
يشق ثراه من روض أريض
إذا استقري الحيا نحرت عليه
عشار المزن مرهقت الوميض
وإن مسحت جوانبه النعامى
أعيرت نفحة المسك الفضيض
فقدتك والشباب وريع فودي
بمرأى من مطالعه بغيض
ألم بلمتي وذؤابتيها
فعوضهن من سود وبيض
وقبلك ما التحت عودي الليالي
بناب من نوائبها عضوض
فما فوجئت ذا قلب جزوع
ولا ألفيت ذا طرف غضيض
ولكن قائلا يا نفس شقي
غمار الموت مقدمة وخوضي
فما قعد الأنام عن المعالي
لعجزهم وحان بها نهوضي
وما بلغ العلاء كشمري
قؤوم بالذي يعيي نهوض
سأعملها هملعة دقاقا
تقلقل في الأزمة والعروض
لها من كل مرقبة وفج
هوي القدح من كف المقيض
فأما أخمص فوق الثريا
وإما مفرق تحت الحضيض
فأشقى الناس ذو عقل صحيح
يعود به إلى حظ مريض