سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر/خليل بن علي البصير

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

خليل بن علي الموصلي السيد الشريف صاحب البصيرة الوقادة كان نادرة من النوادر مع علم وعمل وتجويد وتبريز بكل صناعة وكان في الحفظ آية باهرة يحفظ الصحيفة بسماعها مرة أو مرتين وله سفرات عديدة إلى حلب والرها والروم والعراق وله لطائف نفيسة كان حاضراً في مجلس بعض الوزراء فأخبره بعض الحاضرين ان القاضي فلان ممتحن بزوجته وبالأمس اقتتلا فآذته فقال على الفور يا ليتها كأنت القاضية وكان يحفظ من الشعر ما لو كتب لكان أسفاراً وكان له في النحو والصرف والعلوم العقلية اليد الطولى وله نظم بالفارسية والتركية والعربية ونثر رشيق وله معرفة تامة بالمويسيقى وكان مهذب الأخلاق ميمون الطلعة مأمون العشرة ومن قريضه الرايق ونظمه البديع الفائق قوله مؤرخاً واقعة العجم.

كفى الله أهل الموصل الشر اذ أتى
عدو لهم من جانب الشرق ناهض
أجل ملوك العجم نـادر اسمـه
ظلوم غشوم للمواثيـق ناقـض
سبى نسوة السكان في البيد والقرى
بظلم وكل في المهالك حائـض
وساق أناعيـم الرساتيـق كلهـا
فما في الضياع اليوم بكر وقارض
فحاصرنا ستيـن يومـاً مهيجـاً
حروباً وفي الجمعات ماتت فرائض
فحاربه الدستور والـي ديارنـا
حسين بعون الله وهـو يناهـض
فألقى رعب في قلـوب جنـوده
فبانوا وكل نحو مثواه راكـض
فلما أزال اللـه عنـا شعوبهـم
بتوفيقه أرخـت زال الروافـض

وقوله مخمساً

نأى الغزال الذي في القلب موضعه
ياليت شعري أي الروض مرتعه
ناديتـه بانكسـاري إذ أودعـه
يا راحلاً وجميل الصبر يتبعـه
هل من سبيل إلى لقياك يتفق
نار المحبة في الأحشاء حاميـة
والعين كالنهر طول الدهر هامية
يا من به رتبتي في العشق سامية
ما أنصفتك جفوني وهي داميـة
ولا وفى لك قلبي وهو يحترق
وله مصدراً ومعجزاً
يا مشتكي الهم دعه وأنتظر فرجاً
فمن يفرج كربـات المساكيـن
واصبر على محن الأيام ذا جلـد
ودار وقتك من حين إلى حيـن
ولا تعاند إذا أصبحت في نكـد
من النوائـب واستقبلـه بالليـن
هيهات هيهات أن تصفوا بلا كدر
فانما أنت من ماء ومـن طيـن

وكان مولده سنة اثنتي عشرة ومائة وألف وتوفي سنة ست وسبعين ومائة وألف بالموصل ودفن بها وله شعر كثير اختصرنا منه خوفاً من التطويل رحمه الله تعالى.