سقى دارها بالرقمتينوحياها

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

سقى دارها بالرَّقمتينوحيَّاها

​سقى دارها بالرَّقمتينوحيَّاها​ المؤلف مهيار الديلمي


سقى دارها بالرَّقمتينوحيَّاها
ملثٌّ يحيل التربَ في الدار أمواها
ورفَّ عليه رائحٌ متهدّلٌ
من النبت يُرضي جردها ومطاياها
ولا برحتْ تمحو ندوبَ هجيرها
بوادرُ من أسحارها وعشاياها
إلى أن ترى الأبصارُ حسنا تودُّه
وخُمصُ المطايا بِطنةً تتعافاها
وما بيَ إلا نفحةٌ حاجريّةٌ
تؤدّي صباها ما تقول خزاماها
أحبُّ لظمياءَ العدا من قبيلها
وأهوى ترابَ الأرض ما كنتُ أهواها
وأُغضي على أمرٍ وفيه غميزةٌ
ليُكسبني منها المكانةَ والجاها
وكيف بوصلِ الحبلِ من أمِّ مالكٍ
وبين بلادينازَرودْ وحبلاها
يراها بعينِ الشوق قلبي على النوى
فيحظى ولكن من لعيني برؤياها
فلله ما أصفى وأكدرَ حبَّها
وأبعدها منّى الغداةَ وأدناها
إذا استوحشتْ عيني أنستُ بأن أرى
نظائرُ تصبيني إليها وأشباها
فاعتنقُ الغصنَ القويمَ لقدِّها
وألثمُ ثغرَ الكأس أحسبه فاها
ويومالكثيب استشرقتْ لي ظبيةٌ
مولَّهةٌ قد ضاع بالقاع خشفاها
يدلِّهُ خوفُ الثُّكل حبَّةَ قلبها
فيزدادُ حسنا مقلتاها وليتاها
فما ارتاب طرفى فيكِ يا أمّ مالكٍ
على صحّة التشبيه أنكِ إياها
فإن لم تكوني خدَّها وجبينها
فإنك أنتِ الجيدُ أو أنتِ عيناها
ألُوَّامهُ في حبّ دارِ غريبةٍ
يشقُّ على رجمِ المطامع مرماها
دعوه ونجداً إنها شأنُ نفسه
فلو أن نجدا تلعة ما تعدّاها
وهبكم منعتم أن يراها بعينه
فهل تمنعون القلبَ أن يتمنّاها
وليل بذات الأثل قصَّر طوله
سُرى طيفها آهاً لذكرتها آها
تخطَّت إليّ الهولَ مشيا على الهوى
وأخطارهِ لا يبعد الله ممشاها
وقد كاد أسدافُ الدُّجى أن تضلَّها
فما دلَّها إلا وميضُ ثناياها
أصاح ترى أنّ الوفاء لغادرٍ
سجيةُ ذلٍّ في الهوى لستُ أنساها
قني الشرَّ منها أو أقلني عثارها
لعلَّك تلقى مثلها فتوقَّاها
إذا أنتَ لم تحفظْ لغيرِ محافظٍ
ولم ترعَ إلا ذمّة فيك ترعاها
فعشْ واحداً أو كن من الناس حجرةً
فإن الوفاءَ لفظةٌ مات معناها
بلى في بني عبد الرحيم وبيتهم
أصولُ العلا محفوظةٌ وبقاياها
وعندهم العهدُ القديمُ لجارهم
إذا انتسبت أولى الجبال وأخراها
ملوكٌ بنوا في ذروة العزّ خيرها
ترابا وأعلاها سماءً وأسناها
لهم دوحةٌ خضراءُ رُوِّيَ أصلها
بماء الندى الجاري وطُيِّبَ فرعاها
تمنَّت على الله المنى في ثمارها
لتنجبَ واستعلتْ عليه فأعطاها
نمتْ كلَّ مفرورعن الرأى سنه
يقول نعم فيالمهد أوّلَ ما فاها
أغرّ إذا أجرى العزائمَ كدّها
خماصا وإن سلَّ التجاربَ أمضاها
أخا الفتكِ حتى تتقيه بدينه
فتلقى منيبا للتقيَّةِ أوّاها
وعندَ زعيم الدين منهم شهادةٌ
بأنَّ صدورَ المكرمات تقفَّاها
تبوَّعَ في خلِّ الثغورِ فسدَّها
وأسفرَ في سودِ الخطوب فجلاَّها
هم الجوهرُ الصافي وأنتَ يتيمةٌ
من العقد ما زانَ العقودَ ثناياها
ولولا أخوكَ أو أخوكَ وسطتها
كما أنهُ أعلى الأناملِ وسطاها
ملكتَ الكمالَ قادرا متسلِّطا
فلم تكُ مع فرطِ المحاسن تيَّاها
وسُدتَ بنفسٍ حلمُها دون بطشها
وسلطانُها مولىً عليهِ بتقواها
إذا الغضبُ الطاري أمال طباعها
أثابَ بها الخُلقُ الكريمُ فسوّاها
كأنّ معنِّيها لمجدٍ أراحها
ومفقرها في طاعةِ الجودِ أغناها
فلو أن صوبَ المزنِ أنكر نفسه
تبصَّر من أخلاقها وسجاياها
وموتى من الأضغانِ فوق وجوههم
ظواهرُ غيب ناطقٍ بخفاياها
بعثتَ إليهم بالوعيدِ كأنما
بعثتَ إلى أرواحهم بمناياها
أراد علاك منهمُ من أرادها
غرورا ولم يقدرِ عليها فعاداها
وهل في أديم الشمس للعين مثبتٌ
وهل جهدَ القاري يوما فراماها
أبا حسنٍ إن الوفاءَ تجارةٌ
إذا ما تولَّى ربُّها الشكرَ نمَّاها
وإن فروضَ الجودِ كيف بعثتها
إلى مفصح حرٍّ فإنك تقضاها
مننتَ وأعطيتَ المودَّة حقَّها
فأكرِمْ بكفٍّ ودُّها من عطاياها
ولا خيرَ في جدوى سوى الحبِّ جرَّها
ولا في يدٍ غير التوامقُ أسداها
أجبتَ وقد ناداك شعريَ من شفا
معمَّةٍ ينهارُ بالرِّجل جالاها
وكنتَ يمينا نصرُها غيرُ رائثٍ
إذا استصرختها في الملمَّة يُسراها
فمهما يطُلْ هذا اللسانُ ويتَّسعْ
له القولُ تسمعها فصاحا وتُرواها
خفائف في الأسماع وهي ثقائلٌ
على قلب من يشنا علاك ويشناها
تُقرِّب في أغراضكم نزعَ سهمها
وتُبعدُ في أعراضكم ليلَ مسراها
عوالق بالأسماع حتى كأنها
قراطٌ يودّ السمعُ أن يتحلاَّها
إذا حصَّنتْ عرضا يُحاط بها وُقي
وإن حصبتْ وجها يغاظ بها شاها
لك العفو منها عن أيادٍ تسلَّفت
وعن أُنُفٍ يجرين في الجود مجراها
فلا تُعطشنْ غرسا كريما غرسته
فما تُجتنى الأعراقُ إلا بسقياها
أعدها أعدْها إنما المجدُ كلّه
لمولىً إذا ما وحَّد اليدَ ثنَّاها
سحائب كانت من يديك تربُّنى
وقد أوكأت تلك السحابُ رواياها
فلا تعدم الآمالُ عندك حظِّها
ولا تقفد الآدابُ منك مزاياها
وحيَّاك بالنيروز وفدُ سعادةٍ
يراوحُ مغداها إليك وممساها
ولا زالت الأيامُ تملكُ أمرها
وتأمرها فيما تشاءُ وتنهاها
وكنتَ بعين الله في كلّ نوبة
تحاذرها نفسي عليك وتخشاها
فإني متى علَّقتُ نفسي بحاجةٍ
وخفتُ عليها الفوتَ ضمَّنتُها الله