سر النجاح (1922)/الفصل الثاني عشر

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة


الفصل الثاني عشر

في القدوة

قال جون سترلن ما معناه
كأنا وطيف الأقربين يزورنا
وإنْ أبعدتهم عن حمانا المقابر
جيوش إلى كسب الفخار تسابقوا
وأملاكهم تحتثُّهم أنْ يحاضروا
وقال جورج إليوت. أولادنا يموتون وأفعالنا تحيا وحياتها خالدة في نفوسنا وفي غيرها.
وقال توما الملمسبري. لا عمل من أعمال الإنسان إلَّا وهو بداية سلسلة من النتائج التي تقصر عن إدراك نهايتها الحكمة الإنسانية.

القدوة معلم من أقدر المعلمين مع أنها تعلّم بلا لسان وهي مدرسة البشر العملية. وتعليم العمل أفعل من تعليم القول. والإرشاد يري الطريق ولكن القدوة البكماء تسيِّر فيهِ. والنصيحة ثمينة ولكنها لا تفيد كثيراً ما لم توافقها سيرة الناصح. وخير النصح افْعَلْ كما أَفْعل لا كما أقول. والناس مائلون طبعاً إلى أنْ يتعلموا بعيونهم أكثر مما يتعلمون بآذانهم. والمرئي يؤثر أكثر من المقروءِ والمسموع. ويصدق هذا القول بنوع خاص على الأحداث لأن عيونهم هي الباب الأوسع للمعرفة. فما يرونهُ يقتدون بهِ وإنْ عن غير قصد ولذلك تراهم يتمثلون بالذين حولهم كما أنَّ الحشرات الصغيرة تتلون بلون النباتات التي تقتات بها وإذا كان الأمر كما ذكرنا فلا شيءَ أفعل من التربية البيتية لأنهُ مهما كان تأثير المدارس قويًّا يبقى تأثير البيوت أقوى وعليهِ تتوقف أخلاق رجالنا ونسائنا. البيت جرثومة الهيئة الاجتماعية وأصل الصفات الأهلية ومن هذا الينبوع تنبثق الآداب والأخلاق المتسلطة على الخاصَّة والعامَّة. وصفاء الدنيا وكدرها يتوقفان على صفاء البيت صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/274 صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/275 صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/276 صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/277 صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/278 صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/279 صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/280 صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/281 صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/282 صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/283 صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/284 الاقتصادية والماليَّة فلم يوافقهُ رئيس أساقفة كنتربري مخافة أنْ يتعرَّض لأعشار القسوس

ومن الأمور الكثيرة التي تظهر علوَّ همتهِ ومضاءَ عزيمتهِ الحادثة الآتية. وهي أنهُ في سنة ١٧٩٣ وقف دولاب الأعمال بواسطة الحرب فأفلس كثير من تجار منشستر وكلاسكو وأضحت بيوت كثيرة عظيمة على حافة الإفلاس لا لقلة مقتنياتها بل لانغلاق باب التجارة والأمانة (كرديتو) فارتأى السر يوحنا في البرلمنت أنْ تصدر الدولة أوراقاً مالية على الخزينة بخمسة ملايين جنيه وتديِّنها للتجار الذين يقدرون أنْ يقدموا ضمانة فقُبِل هذا الرأي وفوِّض إليهِ مع بعض الأعضاء الذين انتخبهم إتمام هذا العمل. وكان الوقت حينئذٍ ليلًا وخافَ من تأجيل الأمر فنهض صباحاً ومضى إلى الصيارفة واستقرض منهم بكفالتهِ سبعين ألف جنيه وأرسلها في ذلك اليوم إلى التجار. ثم التقى بهِ المستر بت في المجلس وأخذ يتأوه لأنهُ لا يمكن أنْ تفرج منسشتر وغلاسكو في وقت قصير كما كان يظن إذ لا بد من أيام كثيرة لجمع النقود اللازمة فأجابهُ السر يوحنا أنَّ النقود قد مضت من يومين ثم قصَّ عليه واقعة الحال فعرا بت الانذهال. ومازال هذا الفاضل آخذاً في أعمالهِ باجتهاد وسرور إلى أن أدركته الوفاة فصار أفضل مثل لأسرتهِ ولأهل بلاده بل شامة في وجنة بريطانيا. وقد أحرز الخير لنفسه وهو يطلب خير غيرهِ لا بجمع الثروة بل بما ناله من السرور والراحة الداخلية والسلام الذي يفوق كلَّ عقل. وتمَّم ما يجب عليهِ لوطنه ولم ينسَ ما يجب عليهِ لأهل بيته. وبنوهُ وبناتهُ ارتقوا في درجات المجد. وأعظم ما كان يفتخر بهِ عندما ناهز الثمانين أنهُ ربَّى سبعة بنين وما منهم من استدان مالًا لا يقدر على إيفائهِ أو أحزن أباهُ بعمل شيء وكان تجنبه ممكناً