سر النجاح (1922)/الفصل الثامن

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة


الفصل الثامن

في النشاط والشجاعة

قال جاكس كر لا مستحيل على القلب الشجاع.
وقال المثل الألماني الأرض للنشيطين.
وقيل عن الملك حزقيا إنَّ كل عمل ابتدأ به إنما عمله بكل قلبه وأفلح ٢ أي ٣١: ٢١.

رُوي أنَّ أحد جاهلية الألمان قال إني لا أركن إلى الأصنام ولا أخاف من الشياطين بل إنما ثقتي بقوة جسدي وعقلي. وقيل إنَّ أهالي أسوج ونروج كان لهم إلهٌ يحمل مطرقة وهذا دليل على نشاطهم لأن حمل المطرقة من علامات الهمة والنشاط. وقد يُستدل على أخلاق الإنسان وأحوالهِ من أعمال طفيفة يعملها. حُكي أنَّ رجلًا فرنساويًّا قال لصاحب لهُ وهو عازم على الانتقال إلى ما بين قوم والسكنى في بلادهم «إياك وهؤلاء الناس لأني رأيت ضربة مطرقة أولادهم الذين يدخلون مدارس البيطرة ضعيفة فهم ليسوا من ذوي النشاط فإذا سكنت بلادهم خسرْتَ ولم تربح». ولقد أصاب فيما قال لأنهُ كما يكون الآحاد يكون الشعب وكما يكون الشعب تكون البلاد.

والنشاط والهمة أساس لكل نجاح وما أحسن ما قالهُ بعض بلغاءِ العرب قال «الارتكاض باب الإفلاح والنشاط جلبابهُ والفطنة مصباحهُ والقحة سلاحهُ. ويجب على طالبهِ أنْ يقرع باب رعيه بسعيهِ وأنْ يجوب كل فج ويلج كل لج وينتجع كل روض ويلقي دلوهُ في كل حوض وألَّا يسأم الطلب ولا يمل الدأَب لأن من طلب جَلَب ومن جال نال والكسل عنوان النحوس ولبوس ذوي البوس ومفتاح المتربة ولقاح المتعبة وشيمة العجزة الجَهلة وشنشنة الوكلة النكلة وما اشتار العسل مَن اختار الكسل ولا ملأ الراحة مَن استوطأ الراحة. والخور صنو الكسل وسبب الفشل ومبطأة للعمل ومخيَبة للأمل»

والنشاط يوصل الإنسان إلى أعلى مراقي النجاح مهما حال دونهُ من الموانع ومن اتَّصف بهِ سبق المتكلين على مواهبهم غير معرِّض نفسهُ للفشل مثلهم. والموهبة من النشاط كالأهلية من الإرادة. فإذا كان الإنسان أهلًا لأن يعمل عملًا ما فلا يعملهُ ما لم يكن مريداً. وكما أنَّ الإرادة هي التي تعمل كذلك النشاط هو العامل فينا وهو الإنسان الأدبي. والأمل الحقيقي مبني على النشاط. قال الشاعر ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل وقال ابن سيراخ «ويل لخائر العزم». فلا بركة تضاهي ثبات العزم وحسن الرجاءِ فإنهُ وإنْ خابت أكثر مساعي الإنسان يبقى باله مطمئناً بأنهُ قد فعل ما في طاقتهِ. ومَن يضع ملاك الأمل نصب عينيهِ يحتمل المتاعب بالصبر الجميل ويلقَ المحن متهللًا مسروراً. وأتعب الناس وأكثرهم شقاءً من قصرت مقدرتهُ واتسعت مطامعهُ

وأتعب خلق الله من زاد همُّهُ
وقصَّر عمَّا تشتهي النفسُ وجدُهُ

ومن كان غذاؤهُ الأماني عاش خائر القوى. وأكثر الناس تعرضاً لهذا الداء العضال هم الشبان فيجب أنْ يُدرَّبوا من صغرهم على إخراج كل شيءِ من حيز الأمل إلى حيز العمل

قال أري شفر لا شيء يثمر إلا بتعب العقل والجسد. والحياة جهاد مستمر كما أرى بنفسي وما فخري إلا بنشاطي فإن عزيز النفس شريف المطالب يستطيع أنْ يفعل كل ما يشاءُ. وقال هيو ملر «إنَّ المدرسة الوحيدة التي تعلمتُ فيها العلم الحقيقي هي مدرسة العالم التي يُعلِّم فيها التعب والعناءُ معلمان صارمان ولكن شريفان». ومن يتردد في عملهِ ولا يقتحم المصاعب بقدم راسخة وعزيمة ماضية تحبط مساعيهِ ويعود بالفشل وأمَّا إذا نهض لعملهِ بهمة وحزم انقشعت غيوم مصاعبه كما ينقشع الضباب بحرِّ الشمس. قال الشاعر

وإني إذا باشرتُ أمرًا أريده
تدانت أقاصيه وهان أشده

والإكباب على الأعمال عادة كبقية العادات والمواظبة تجعله ملكة. وكل من أكب على عمله بجدٍّ أفلح فيهِ ولو كان معتدل القوى. قيل إنَّ فول بكستن اتَّكل على الوسائط الاعتيادية والإكباب الشديد جارياً على قول الحكيم كل ما تجدهُ يدك لتفعلهُ فافعلهُ بقوتك. ونسب نجاحهُ إلى إكبابهِ بكليتهِ على أمرٍ واحد في وقت واحد. ولا يبلغ الإنسان أمراً ذا طائل إلا بالعمل المقرون بالشجاعة. والإنسان يقوى باقتحام المصاعب وهذا هو الجهاد ونتائج هذا الجهاد تدهش كل من ينظر فيها حتى إنَّ توقُّع المستحيل يصيِّر المستحيل ممكناً. والآمال طلائع الأعمال. وأمَّا ضعيف الهمة والمتردد في أمورهٍ فيرى الممكن محالًا

حُكي أنَّ جنديًّا فرنساويًّا كان يمشي في غرفته ويقول لا بُدَّ من أنْ أصير مرشالًا. وما به من شدة الأمل هوَّن عليهِ كل أمر عسير فنال بغيتهُ وصار مرشالًا. وقيل إنَّ واحداً مرض مرة فعزم أنْ يُشفَى فشُفِي من تلقاءِ عزمهِ. وإنَّ المولى مولك القائد المراكشي كان مصاباً بمرض عضال حين انتشبت الحرب بين جيوشهِ والجيوش البرتوغالية فلما سمع صرخات الحرب نهض من عن سريرهِ واقتاد جيشهُ وبقي حيًّا حتى فاز بالغلبة على العدو

والإرادة هي التي تُمكّن الإنسان على عمل ما يريد عملهُ. قال بعض الأفاضل الإنسان كما يريد. وحكى بعضهم أنهُ رأى نجاراً يصلح كرسيًّا من الكراسي التي يجلس عليها القضاة وكان يعتني بإصلاحهِ أكثر من المعتاد فقال لهُ ما لك تعتني بإصلاح هذا الكرسي اعتناءً شديداً قال لأني أريد أنْ أجلس عليهِ يوماً ما. وهكذا كان لأن ذلك النجار درس علم الحقوق وجلس على ذلك الكرسي. ولا داعي لما أقامهُ المنطقيون من الأدلة على أنَّ الإنسان حر الإرادة لأن كل إنسان يحس بأنه متروك إلى حريتهِ ولهُ أنْ يختار الخير أو الشر. وليس الإنسان ورقة تُرمَى في النهر لتدل على سرعة مجراه بل هو سبَّاح نشيط يقاوم المجاري ويصارع الأمواج ويسير إلى حيث أراد بقوة ذراعيهِ. نعم إننا أحرار ولنا حرية أدبية لنعمل ما أردنا ولسنا مرتبطين بطلسم أو سحر يربطنا بعمل من الأعمال. ومن لا يشعر هذا الشعور لا يُرجَى منه كبير فائدة

ومهام الحياة وعلاقات البشر العائلية والمدنية والعلمية تصرِّح بلسان واحد أنَّ الإنسان حرُّ الإرادة ولولا ذلك ما كان الإنسان مطالباً ولا كانت فائدة من التعليم ولا من النصح ولا من الوعظ ولا من الحث. ولولا حرية الإرادة ما وُجدت الشرائع لأن وجودها يستلزم كون الإنسان حرًّا أنَّ يطيعها أو يعصاها حسب رؤيتهِ لها صالحة أو غير صالحة. ونحن نحس في كل دقيقة من حياتنا أنَّ لنا إرادة حرة سواءٌ استعملناها في المليح أو في القبيح. وليس الإنسان عبداً لعاداتهِ وتجاربهِ بل سيد عليها ويرى في نفسهِ ما يحثهُ على مقاومتها ولو أطاعها فلا يصعب عليهِ قهرها إذا أراد. قال لامنيس لأحد الشبان قد بلغتَ السن الذي يجب أن تنهج فيه منهجاً لا تحيد عنهُ وإلا فستئنُّ داخل القبر الذي تحتفره لنفسك غير قادر أنْ تزحزح غطاءه عنهُ. والإرادة أسهل القوى انقياداً وأسرعها تملكًا لذلك تعلَّم من الآن أنْ تكون قوي الإرادة شديد العزم لئلَّا تبقى

كريشة بمهب الريح ساقطةٍ
لا تستقرُّ على حال من القلق

وكان بكستون يرى أنَّ الشاب يستطيع أنْ يكون كما يريد على شرط أنْ يكون حازماً. وكتب مرةً إلى أحد بنيهِ يقول لهُ «قد حان لك أنْ تميل يمنةً أو يسرةً فعليك أن تظهر حزمك وإقدامك وإلَّا فستكون خامل الذكر ضعيف الهمة وتتملك منك صفات الكسل والتواني وإذا سقطت في مثل ذلك لا سمح الله صعب عليك النهوض. وإني لمتيقن أنَّ كل شاب يقدر أنْ يكون كما يشاءُ. وأنا جريت هذا المجرى فنتجت كل سعادتي ونجاحي من المنهج الذي نهجتهُ لنفسي وأنا في سنك. فإذا عزمتَ الآن أنْ تكون مجدًّا ومجتهداً فتسرّ كل حياتك بأنك عزمت هذا العزم». والإرادة هي الدأب والمزاولة والمواظبة والثبات فلذلك لا تحتاج إلَّا إلى التدريب فإذا دُرِّبت على الشر كانت شيطاناً مريداً وكان العقل لها عبداً ذليلًا وإذا دُرِّبت على الخير كانت ملكاً عادلًا وكان العقل لها وزيراً فاضلًا وعكفا كلاهما على خير الإنسان

والإرادة لغةً نزوع النفس وميلها إلى الفعل بحيث يحملها ذلك الميل عليهِ فمن أراد أمراً فإرادتهُ تحملهُ على عمله بل تسهّل لهُ العمل وتهوِّن عليهِ المصاعب حتى إنَّ «من أطاق التماس شيء غلاباً واغتصاباً لم يلتمسهُ سؤالًا». والعزم لغةً عقد القلب على الشيءِ فمن عقد قلبهُ على أمر وأرادهُ عمله قدر عليهِ ألا ترى أنَّ رشليه ونبوليون الأول طلبا أنْ تُلغى كلمة مستحيل من كتب اللغة. أمَّا نبوليون فكان أكره شيء إليهِ هذه الكلمات «لا أقدر. لا أعرف. مستحيل» فكان جوابه للأولى حاول وعن الثانية تعلم وعن الثالثة جرِّب. وكاتبو سيرة حياتهِ يقولون إنها مثال للنشاط في استعمال القوى التي لا يخلو قلب من جراثيمها. ومن أمثالهِ إنَّ من الحزم لحكمة. ولا يمكن أنْ يظهر مقدار ما تفعلهُ الإرادة أكثر مما ظهر في حياة هذا الرجل العجيب لأنهُ صبَّ كلَّ قوى عقلهِ وجسدهِ على عملهِ فأخضع أمماً وقهر ممالك وقيل لهُ يوماً إن جبال الألب الشاهقة تمنعك عن التقدم فقال يجب أنْ تُلغَى من الأرض. وهو الذي قال إنَّ كلمة مستحيل لا توجد إلا في قاموس المجانين. وكانت أشغالهُ تفوق الوصف فكان يشغل أربعة كتبة وينهكهم من التعب. وقد ألقى النخوة في قلوب كثيرين. وقال مرة إنني صنعت قوادي من الطين. لكن يسؤُنا أنْ نقول إنَّ حبهُ لنفسهِ أضرَّه وأضرَّ قومهُ معهُ بعد أنْ تركهم فى فوْضى. ويظهر من حياتهِ أنَّ القوة التي لم تؤسس على المبادئ الصحيحة تضر بأصحابها وأن الفطنة بلا صلاح مبدأ شيطاني.

وأمَّا ولنتون الشهير فلم يكن أقل من نبوليون عزماً وإقداماً ولكنه كان منكراً نفسه عفيفاً محبًّا لوطنهِ كان غرض نبوليون الأقصى المجد وغرض ولنتون القيام بالواجب حتى قيل إنَّ كلمة «المجد» لم ترد في كلِّ كتاباتهِ وأمَّا كلمة «واجبات» فكثيراً ما وردت ولكن ليس بالعُجب والافتخار. وأقوى الصعوبات لم توهن عزم هذا البطل بل كانت قوتهُ تعظم بتعاظم المصاعب المحيطة بهِ. وما أظهرهُ من الصبر والثبات والحزم في حرب إسبانيا يفوق وصف الواصفين لأنهُ أقام هناك قائداً وحاكماً وكان غاية في حدة الطبع إلا أنَّ عقلهُ حكم على طبعهِ فظهر لمن حولهُ غايةً في الصبر والجلد ولم يشب أخلاقهُ الحميدة شيءٌ من الطمع أو الحسد أو الهوى فاجتمعت فيهِ مهارة نبوليون القياة وجسارة كليڤ وحكمة كرمول وعفة وشنطون وخلَّد اسمهُ في سجل الحكمة والإقدام.

وأول ظواهر النشاط السرعة. قال الشاعر

وربما فات قوماً جل أمرهم
من التأني وكان الحزم لو عجلوا

قيل سألت اللجنة الأفريقية لديرد السائح متى تسافر إلى أفريقية (بعد أنْ عينته للذهاب إليها) فأجاب غداً. ولما سُئل جون جرفيس (وهو الذي لُقِّب بعدئذٍ أرل سنت ڤِنْسنت) متى تكون مستعدًّا للنزول في سفينتك أجاب «الآن». ولما عُيِّن السر كولن كمبل قائد للجيش الهندي سُئل متى تكون مستعدًّا للسفر فأجاب غداً. وبالسرعة وانتهاز الفرص يُكتسَب الظفر قال نبوليون إنني انتصرت في واقعة أركولا بخمسة وعشرين فارساً وذلك أنني انتهزت فرصة تعب العدو واقتحمتهُ بهم بعد أن اعطيت كلا منهم بوقاً فتغلبت عليهِ. والجيوش المتحاربة شبه رجلين يتصارعان وكل منهما يحاول إرهاب الآخر فإذا ارتعب أحدهما واغتنم الآخر فرصة رعبته قهره. وقال مرة أخرى إنه كسر النمساويين لأنهم لم يعتبروا وقتهم.

والعرب تقول الحرب خدعة أي تنقضي بخدعة ويقال إنَّ معنى كون الحرب خدعة أنَّ الظفر بها يكون بحسن التدبير والحزم لا بمجرد الشجاعة والإقدام كما قال أبو الطيب المتنبي

ولربما طعن الفتى أقرانهُ
بالرأي قبل تطاعن الأقرانٍ

ومن هذا القبيل ما حُكي عن عنترة العبسي أنهُ قيل له أنت أشجع العرب وأشدهم بطشاً فقال لا فقيل لهُ كيف شاع لك هذا الاسم بين الناس قال إني أقدم إذا رأيت الإقدام عزماً وأحجم إذا رأيت الإحجام حزماً ولا أدخل مدخلًا إلا إذا رأيت لي منه مخرجاً وأعتمد الضعيف الساقط فأضربهُ ضربة يطير منها قلب الشجاع فأنثني عليهِ فآخذهُ والحرب خدعة.

ولقد كانت بلاد الهند في القرن الماضي ميداناً للنشاط الإنكليزي فإنهُ قام من كليڤ إلى هڤلوك وكليد حكامٌ وقواد طارت شهرتهم في الآفاق كولسلي ومتكلف وأُترَم وإدواردس ولورنس وهستنس. وهستنس هذا من عائلة قديمة شهيرة دهمها الفقر لتبذيرها وانتصارها لآل ستورت فانحط شأنها وساءَت حالها فألجأها الفقر إلى بيع دالسفرد بعدما ملكتها مئات من السنين. ولما وُلِد هستنس كانت العائلة قد افتقرت فتعلم في مدرسة القرية مع أولاد الفلاحين وكان يلعب في الأملاك التي كانت تخص أسلافهُ إلا أنهُ لم يبرح من بالهِ ما كان لهم من المجد والسودد. قيل إنهُ وهو في السابعة اتَّكأ على ضفة غدير جارٍ في أملاك أسلافهِ وجعل يتأمل في ما كانوا عليه فحتَّم على نفسهِ أنْ يسترجع أملاكهم واسمهم. فكرُ صبيُّ غر ولكنهُ عاش حتى أخرجه من حيز الفكر إلى حيز الفعل لأنهُ رُبي معهُ وأصبح جزءًا من حياتهِ. صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/173 صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/174 صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/175 صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/176 صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/177 صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/178 صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/179 صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/180 صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/181 صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/182 صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/183 صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/184 صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/185 صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/186 صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/187 صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/188 صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/189 صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/190 صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/191 صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/192 صفحة:سر النجاح (1922) - صموئيل سمايلز.djvu/193 وفي السنة التالية عاد إلى غربي آسيا وفتح حلب وحماه وحمص وبعلبك ودمشق وحارب السلطان بيازيد العثماني بقرب أنقرة وتغلب عليهِ واسيرهُ وفتح آسيا الصغرى كلها وطرد فرسان مار يوحنا من أزمير وضرب الجزية على إمبراطور القسطنطينية. ثم عاد إلى بلاد الكرج وأقام فيها فصل الشتاء وعاد منها بطريق مرو وبلخ وبلغ سمرقند سنة ١٤٠٤ واستعد لغزوة بلاد الصين وزحف عليها بجيش جرار ولكنهُ مرض في أثناءِ الطريق بالحمى ومات في السابع عشر من ففريه (شباط) سنة ١٤٠٥ وكان مع ما اشتُهر عنهُ من الفتك ليِّن العريكة محبًّا للعلم والعلماءِ ولهُ مؤلفات كثيرة باللغة الفارسية.

وإبرهيم باشا المشهور ابن محمد علي باشا عزيز مصر ولَّاه أبوه قيادة قسم من الجيش وهو ابن ست عشرة سنة وسيَّره سنة ١٨١٦ لمحاربة الوهابيَّة في بلاد العرب، وكانوا قد خرجوا على الدولة العلية فذهب إليهم وقاتلهم وهزمهم وفتح مدنهم وقبض على أميرهم عبد الله بن سعود. وكان يؤدي للعرب ثمن ما يعوزهُ من الميرة كما فعل ولنتن في إسبانيا فاستمال إليه قلوبهم. ولمَّا قطع شأفة العصيان وقتل شيوخ الوهابية صرف عنايتهُ إلى إصلاح البلاد وتأمين السابلة فانفتحت أبواب التجارة ونُشِرت راية العدل بين الأهالي فدانوا لهُ واجتمعت قلوبهم على ولائهِ فبنى قلاعاً منيعة لتأمين البلاد واحتفر آباراً كثيرة وعاد إلى مصر ظافراً غانماً. ووقائعه في بلاد الشام مشهورة ومآثرهُ فيها مبرورة فإنهُ قصدها بثلاثين ألفاً واستولى على كلِّ مدن الساحل من غزة إلى طرابلس ثم استولى على دمشق وحمص وحلب وقونية ولبث في سورية يدبر أمورها أحسن تدبير إلى أنْ اتفقت الدولة العلية مع دول أوربا على إخراجه منها فعاد إلى مصر وتولَّاها سنة ١٨٤٧ وتُوفِّي فيها في السنة التالية وكان عالي الهمة ثابت العزم يُعَد من أفراد هذا الزمان في النشاط والشجاعة.