سارية الفجر

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

سارية الفجر

​سارية الفجر​ المؤلف علي محمود طه


غبرت بي في صباح باكر
فتنة العين و شغل الخاطر
شعرها الأشقر فيه وردة
لونها من شهوات الشّاعر
و رشيقات الخطى في وقعها
منبئاتي بشباب ساحر
و بعينيها رؤى حائرة
بين أسرار مساء غابر
صوّرت من حاضر العيش و من
أمسها، قصة حب عاثر
قلت، و الفجر سنى ياقوتة
لألأت خلف السّحاب الماطر:
هذه السّاعة تسعى امرأة
حين لم يخفق جناح الطّائر!
من تراها؟ و إلى أين؟ و من
أيّ خدر طلعت أو سامر؟
تقطع الإفريز من ناحيتي
كأسير هارب آسر
تتّقي الأعين أن تبصرها
و هي لا تألو التفات الحائر
لا تبالي بلل الثّوب و لا
لفحة الرد الشّفيف الثّائر
أو تبالي قدماها خاضتا
مسرب الماء الدّفوف الهامر
أنت يا سارية الفجر اسمعي
دعوة الرّوح البرئ الطّاهر
مرّ بي مثلك لم يشعرنني
غير إشفاق الحفيّ النّاصر
و أنا الشّاعر قلبي رحمة
لفريسات القضاء الجائر
إن نأت دارك يا أخت فما
بعدت دار الغريب العابر
شاطريني ذلك المأوى فما
أتقاضاك وفاء الشّاكر
غرفة آلهة الفنّ بها
تتلقّاك لقاء الظافر
و تغنّيك نشيدا مثله
ما تغنّت لحبيب زائر
هات كفّيك و لا تضطربي!
لا تخالي ريبة في ناظري!
سوف يؤويك جدار ساخر
من أباطيل الزّمان السّاخر
سوف يحويك فراش صامت
لك فيه همسات الذّاكر
سوف يطويك يكون لم يشب
صفوه لغو محبّ غادر
و أناديك و أستدني يدا
لمست روحي و هزّت خاطري
و أحيّيك و أيتحيي فما
حقّه قبلة ربّ غافر!!