رويدك يا من قد نعيت لنا البدرا
المظهر
رُوَيدَك يا من قد نعيتَ لنا البدرا
رُوَيدَك يا من قد نعيتَ لنا البدرا
أَتَحمِلُ نعياً ضمن طرسك أم جمرا
بلى جمرَ نارٍ قد كويتَ بهِ الحشا
وزدتَ لَظَى الأحزان في كَبِدي الحرَّى
أَلا أيها القلب الحزين إِلى متى
تقاسي خطوب الدهر منقضَّةً تَترى
تراكمت الأرزآءُ من كل جانبٍ
عليك فلا يومٌ يمرُّ بلا ذِكرَى
فهلاَّ براك الله من جنب صخرةٍ
تمرُّ عليك الحادثات ولا تُفرَى
لقد خَطفَت مني يد البين كوكباً
بهِ ساوَت الأحزان ليلَي والفجرا
وغال الرَدَى غصناً من البان ناضراً
تعمَّد في شرخ الشباب لهُ كسرا
ذَوَى فذَوَى غصن اصطباريَ بعدهُ
وأصبح عيشي بعد فرقتهِ مُرَّا
شَقيقٌ لقد شَقَّ الحِمام بفقدهِ
فؤَاداً غدا من بعد مصرعهِ شطرا
سَقتهُ يد الأقدار كأساً من الرَدَى
فمال بهابل ملتُ من بعدهِ سَكرَى
فيا نار حزني لا تبوخي لفقدهِ
ويا قلبُ لا تألَف لفرقتهِ الصبرا
ويا طَرفُ إن جفَّت دموعكَ فاتَّخِذ
دم القلب دمعاً فوق تربتهِ يُذرَى
ويا عينُ غابَ اليوم بدركِ فارقُبي
لفرقتهِ تحت الدُجَى الأَنجُم الزُهرا
ويا نفس هذه فرقة الدهر لم نكن
لِنَحسُبَ في ميعادها اليوم والشهرا
لقد كان من جسمي مكان فؤَادهِ
وكان مكان النور من عيني الشَكرَى
وكان رفيقي في حياتي وحَبَّذا
لَوِ اسطَعتُ أن أبقى برفقتهِ الدهرا
نبيتُ كِلانا لا فراقَ يَرُوعُنا
بقبرٍ وما أَحلى برفقتهِ القبرا
ولم أُوفِ حقَّ الحب إن لم أَمُت أَسىً
عليهِ فعيشي صرت أحسبهُ غدرا
أيا مَعدن العلم الذي عَزَّ مثلُهُ
ويا شاعراً من بعدهِ أَيتَم الشِعرا
ويا ناظماً غُرَّ المعاني وجامعاً
شتات المباني في تآليفهِ دُرَّا
ويا من حَوَى من كل فنٍّ عيونَهُ
وأَحرزَ ما لا نستطيع لهُ حصرا
ومن كان صَدراً للمحافل مؤنساً
فأَوحَشَها من حيث قد آنس القفرا
ومن كان للعاني مَلاذاً وعُدَّةً
وكان لمن يبغي فوائِدَهُ ذُخرا
سأَبكيكَ ما ناح الحمام وما سَقَى
ضريحك غَيثُ المُزن منهملاً قطرا
سلامٌ على وجه الخليل ونارهُ
بطيّ الحشا قد أفنت القلب والصدرا
على وجههِ الضاحي الوسيم الذي له
بقلبي رسمٌ لا يفارقهُ العُمرا
له العفو والرضوان من فضل راحمٍ
ولي مدمع الخنسآءِ إذ فَقَدَت صخرا