انتقل إلى المحتوى

رفعت إلى وديك أبصار همتي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

رفعتُ إلى وُدِّيك أبصارَ همَّتي

​رفعتُ إلى وُدِّيك أبصارَ همَّتي​ المؤلف ابن الرومي


رفعتُ إلى وُدِّيك أبصارَ همَّتي
لترفع من قدري فهل أنت رافعُ
وإني وصدقُ المرءِ من خير قوله
لَراضٍ بحظِّي من ضميرك قانعُ
ومستيقنٌ أني لديك بربوةٍ
لها شرف مما تُجِنُّ الأضالعُ
ولكنَّ بي من بعد ذلك حاجةً
إلى أن يرى راءٍ ويسمعَ سامع
ليُكبَتَ أعدائي ويرغمَ حُسَّدي
ويَقْمعهم عن شِرَّة البغي قامع
فقد شكَّ في حالي لديك معاشر
وفي مثل حالي للشكوك مواضع
ولن يوقنَ الشُّكاك ما لم يقم لهم
على السِّر برهانٌ من الجهر ناصع
أأن قلتُ إني ما انتجعتُك مُجدباً
أبا أحمدٍ تُحميَ عليَّ المراتع
فلستُ غنيَّاً عنك ما ذرَّ شارقٌ
ولو سال بالرِّزق التِّلاعُ الدوافعُ
شهدتُ متى استغنيتُ عنك بأنَّني
غنيٌّ عن الماء الذي أنا جارعُ
فكيف الغنى عمن بمعروفه الغنى
وعمنْ بكفَّيه الغيوثُ الروابعُ
مديحي وإن نوهتُهُ لك مِبذَلٌ
وخدِّي وإن صعَّرتُه لك ضارع
لمثِلك يستبقي العفيفُ سؤاله
ويقنَى الحياءَ الحرُّ والرمح شارع
أتَعْلمني من مَدْحِ غيرك صائماً
صياماً له قِدْماً علا فِيَّ طابع
وحلأتُ نفسي عن شرائعَ جمةٍ
لترويَني مما لديك الشرائع
وما كنتُ أخشى أن تخيب ذريعتي
لديك إذا خابت لديك الذرائع
فلا أكنِ المحرومَ منك نصيبَه
بلا أُسوةٍ إني لذلك جازع
متى استبطأ العافون رِفدَك أم متى
تقاضاك أثمانَ المدائح بائع
وقد وعدتْ عنك الأماني مَواعدا
مَطَلْن بها والحادثاتُ فواجع
أُحاذر أن يرْمينيَ الدهرُ دونها
بحَتْفٍ وحاشاك الحتوف الصوارع
وإني لأرجو أن يكون مِطالُها
لتجنِيَني ما أثمرتْ وهو يانع
قَبولُك مَيلي وانقطاعي وخدمتي
قُصارِي ولكنْ للقضاء توابعُ
ومقصودُ ما يُبغَى من السيف مضربٌ
حسام إذا لاقى الضَّريبة قاطعُ
على أنه من بعد ذلك يُبتَغى
له رونقٌ يستأنق العينَ رائع
كذلك محضُ الودِّ منك فريضتي
ونافلتي فيك الجدا والمنافعُ
فكن عندما أمّلتُ منك فلم تكن
لتُخلفني منك البروقُ اللَّوامع
وعشْ أبداً في غبطةٍ وسلامة
وأمنٍ إذا راعتْ سواك الروائع
فأنت لنا وادٍ خصيبٌ جنابهُ
وأنت لنا طودٌ من العزِّ فارع