رسالة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
رسالة
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الملك الجليل، والشكر له على نعمه المسبغة وفضله الجزيل، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تنجي قائلها من هول اليوم الثقيل، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الهادي إلى أقوم سبيل، والداعي إلى الله بأوضح حجة وأبين دليل، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا.

أما بعد

فإني أرى الداء العضال قد عَمَّ ضرره جميع الأنام، واستحكم على البواطن والظواهر أيما استحكام، ولم يزل يزداد ضرره وينتشر ألمه بتعاقب الليالي والأيام، ثم نظرت فإذا سببه الذي تولد منه، هو التظاهر بمعاصي الملك العلام، والتجاهر بما يوجب غضبه من الفسوق والإجرام، ولا حياء ولا مبالاة ولا خشية من شديد البطش والانتقام، ومورثه الذي أعقبه هو سكوت القادرين على تغييره من الولاة ونوابهم من الأمراء والعلماء والحكام، وتقريرهم على ذلك، فلم يغضب أحد لربه يوماً من الأيام، وإني إن شاء الله سأصف لك دواءاً شافياً بحول الله وقوته من جميع الأسقام، مجرباً بحكمة الله للخاص والعام، نافعاً بإذن الله من الأمراض الظاهرة والباطنة، ناجحاً إن شاء الله في الدنيا والآخرة، فأقول وبالله التوفيق: إعلم أن الله سبحانه وتعالى قص علينا في كتابه عن الأمم السالفة والقرون الماضية الذين أسكننا مساكنهم وأورثنا الأرض من بعدهم أنهم إنما أخذهم الله بذنوبهم وجازاهم بما كسبت أيديهم وذاقوا وبال أمرهم لما خالفوا أمره وانتهكوا محارمه وكذبوا بكتابه وبما أرسل به رسله { وَمَا أَنَا بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيد } إذا عرفنا هذا معرفة تامة علمنا أن ما نزل بنا من البلاء من غلاء و وباء وعدو وغير ذلك لابد له من كسب اكتسبتاه وموجب ارتكبناه لأن الله سبحانه وتعالى يقول: { ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } وقال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ } وقال تعالى: { وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ } وقال تعالى: { وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } وقال تعالى: { وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا } وقال تعالى: { وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ } وقال تعالى: { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ * أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ * أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَا أَن لَّوْ نَشَاء أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } وفي الحديث: { ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع إلا بتوبة } وأنت إذا نظرت ما حل بالناس اليوم من الشدائد والبلاء والقحط والوباء والجهل والغلاء وطمع الأعداء فيهم وغير ذلك، ثم نظرت إلى أحوالهم وأقوالهم وأفعالهم ومعاملتهم فيما بينهم ومعاملتهم فيما بينهم وبين ربهم لرأيت أموراً تشمئز منها القلوب السليمة، وتبكي لها عيون الإسلام وتقشعر منها جلد كل من له غيرة على الإسلام ولرأيتهم لم يتركوا موجب سخط إلا ارتكبوه، ولا سبيل هلكة إلا سلكوه، ومع ذلك لا منكر ولا نكير، ولا إنكار ولا تغيير، فإنا لله وإنا إليه راجعون، فإذا عرفنا أننا بسبب أفعالنا ابتلينا، ومن جهة جرائمنا أتينا، وما أصابنا من مصيبة فبما كسبت أيدينا، فاعلم أنه لا سبيل إلى تغيير ذلك، ولا حيلة إلى التخلص مما هنالك، إلا بالمعاونة على البر والتقوى، وبذل النصيحة في السر والنجوى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن به قوام الدين بل هو أساسه وأصله، ولم ينج من غضب الله وأليم عقابه عند فشو المعاصي إلا أهله، ولنذكر طرفاً مما يتعلق بذلك من الآيات والأحاديث إن شاء الله تعالى فأقول وبالله التوفيق: قال تعالى: { وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } إلى أن قال: { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ باللَّهِ } إلى أن قال: { لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ } وقال تعالى: { لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ } وقال تعالى: { لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } وأخبر سبحانه وتعالى أن سبب لعن بني إسرائيل عصيانهم واعتداؤهم وإقرار بعضهم بعضاً على ذلك فلم يتآمروا بالمعروف ولم يتناهوا عن المنكر، قال تعالى: { وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ * فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ * فَلَمَّا عَتَوْا عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ } وأخبرنا سبحانه وتعالى أنه أهلك الفاعل للمنكر والمقر له عليه ولم ينج من عقابه إلا من أنكر ذلك ونهى عنه، وقال تعالى: { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ }. وقال تعالى: { وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } وقال تعالى: { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } وقال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } وقال تعالى: { فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ } ففي هذه الآية التصريح بأنه لم ينج إلا من نهى وما نهي أحد إلا نجى، وقال تعالى: { الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ } وقال تعالى في وصية لقمان لابنه: { يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ } وغير ذلك من الآيات، وأما الأحاديث: ففي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله : { من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان } وفي حديث درة بنت أبي لهب عند أحمد قالت: قام رجل إلى النبي فقال يا رسول الله أي الناس خيرٌ قال: « خير الناس أقرؤهم وأتقاهم وآمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر وأوصلهم للرحم » وروى أحمد عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله : « لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا فجالسوهم في مجالسهم قال يزيد وأحسبه قال في أسواقهم، وآكلوهم وشاربوهم فضرب الله قلوب بعضهم ببعض ولعنهم على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون - وكان رسول الله متكئاً فجلس وقال - لا والذي نفسي بيده حتى تأطروهم على الحق أطرا »، وفي رواية أبي داود: « كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطرا، ولتقصرنه على الحق قصرا » وفي رواية ابن أبي حاتم: « فلما رأى الله منهم ضرب قلوب بعضهم على بعض ولعنهم على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون - ثم قال رسول الله - والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد المسيء ولتأطرنه على الحق أطراً أو ليضربن قلوب بعضكم ببعض أو ليلعننكم كما لعنهم » وروى الإمام أحمد عن حذيفة بن اليمان أن النبي قال: « والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن أن يبعث عليكم عقاباً من عنده ثم لتدعنه فلا يستجاب لكم » وله عن عدي بن عميرة قال سمعت رسول الله يقول: « إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكرون فإذا فعلوا ذلك عذب الله العامة والخاصة » وعن أبي بكر رضي الله عنه أنه قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: " أيها الناس إنكم تقرؤن هذه الآية { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ } وإنكم تضعونها على غير موضعها وإني سمعت رسول الله يقول: « إن الناس إذا رأوا المنكر لا يغيرونه يوشك الله أن يعمهم بعقابه ». والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة جداً، وفي هذا القدر الكفاية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، فيا معشر المسلمين دعاء أنا أول معنى به أترون هذه النصوص خاصة بأحد دون أحد أو متناولة لشخص دون شخص لا والذي قامت السموات والأرض بأمره لهي متناولة لكل فرد من أفراد المكلفين كل بحسبه، وكلما كان المكلف أقدر على تغيير المنكر عن غيره كان تناولها له أو تكليفه بما فيها أشد وأغلظ ممن هو دونه فليعتن الناصح لدينه بهذا الدواء الإلهي فإنه ليس لذلك الداء طب حاسم لمادته سواه..

وإنما كتبت هذه النبذة عملاً بحديث النبي : « الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم « وخشية من وعيد { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ } الآية، وقوله تعالى: { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ } ولينتبه الغافل ويزداد المنتبه نشاطاً ومن أعرض عنها فهي من جملة الحجاج عليه في موقف القيامة بين يدي الله عز وجل: { وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ }