ربة النبل والجمال المصون

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

ربة النبل والجمال المصون

​ربة النبل والجمال المصون​ المؤلف جبران خليل جبران


ربة النبل والجمال المصون
هل ينال الشموس ريب المنون
كنت شمسا تنبث آياتها من
مصر بالنصح والبلاغ المبين
أسفا يا فريدة في نساء الشرق
بالفضل والحجى أن تبيني
أسفا أن خلا ذراك فما من
رادة الراي غير باك حزين
عدت من طيتي وهذا هو الصرح
كعهدي في خاليات السنين
لهف نفسي أرى المكان ولكن
أين أمسى منه مكان القطين
كبرت حسة الأباعد إذ بنت
فما حسرة القريب المدين
لك فضل علي من بدء أمري
ليس عندي ما عشت بالممنون
آل تقلا لقد محضتهم الود
وإن الوفاء في الود ديني
خير عهد الصبا تقضي لديهم
وغليهم في كل آن حنيني
صحبتني من الشباب أياديهم
وظلت تظلني وتقيني
ولكل منهم هوى في فؤادي
واشجات اسبابه بالوتين
اين ذاك العهد الجميل تقضى
غير مبق سوى شجى وشجون
ذاك عهد إن اظمأته سحاب
نضرت ذكره سحاب شؤوني
غادة غارت صعابا ولكن
نزهتها العلياء عن كل دون
وأحل الوقار أدنى معانيها
محل السماء فوق الظنون
خلقها حاليا ومحلى
وخلا حسنها من التحسين
غيه يا قرة النواظر كم ودت
جفون لو بت طي الجفو
لم تكوني سوى شمائل من علو
تراءت في شبه ماء وطين
وسوى غاية من الأنس في رمز
من الحسن آذن أن تكوني
كل ما فيك فاتن
وتعاليت كثيرا عن داعيات الفتون
لك في كل ساعة من تقى النفس
هدى الحافظ الرشيد المين
عشت في كل حالة عيش صدق
لم تريبي في حالة أو تميني
لم يخنك الوفاء طرفة عين
وابى المجد والعلى أن تخوني
لك قسط من المعارف موفور
وقسط من راقيات الفنون
تحسنين اللغات شتى كثارا
مع لطف البيان والتبيين
وترين العلوم أنفع ما يقنى
وأسنى حلى الغواني العين
وترين الفنون أنسا وسلوى
وغنى عن خدينة وخدين
تضبطين الشعور في كل آن
ضبط مستأثر بكنز دفين
فإذا ما شجاك يوما سماع
فبإذن من الضمير الرصين
كنت أمضى من الرجال وقد زاولت
أعمالهم بعزم متين
فجعلت الهرام تلقاء صرف الدهر
في القرار المكين
وأدرت الشؤون أحسن ما
كان خبير إدار للشؤون
لم تبتي الذمام أخفره الموت
ولم تصرمي حبال القرين
وعلى خير ما تمناه نشأت
لخير الآباء خير البنين
آخذا بالجميل في كل شأن
صانعا للجميل في كل حين
بادي الباس ما اتثار حفاظ
بعد ليث العرين شبل العرين
لا ولا يأتلي عن الجهد في خدمة
مصر وحقها المغبون
بينما قلبه يرق من الرحمة
للمستضام والمستكين
إذ يرى قاسيا على المستبدين
فما في هموضع للين
لك في نهضة النساء مساع
حركت فضلياتها من سكون
وعلى ثابت من الأس شادت
مجدهن الجديد في تمكين
كل قول زكاه فعل شريف
وتجافاه كل فعل مهين
إن تبيني ففي النهى لك تاج
خالد النور فوق أنقى جبين أم المحسنين