انتقل إلى المحتوى

دمغت شموس الحق ليل الباطل

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

دمغت شموسُ الحق ليلَ الباطل

​دمغت شموسُ الحق ليلَ الباطل​ المؤلف ابن شيخان السالمي


دمغت شموسُ الحق ليلَ الباطل
ومحت أكفُّ العدل رسمَ الجاهلِ
وتمايل الإِسلام أعطافً متى
قامت بنوه له بنصر عاجلِ
والعدل يصعد راقياً درج لاعلا
والجور يهبط هاوياً في السَّافلِ
وإذا تصادمت الكتائب والظُّبا
حكمت بما يرجوه قلب الآملِ
وارى عداواتِ الرجال يُزيلهَا
وقع الحديد يُقِلَ راس المائلِ
من يجعل الأسلام أصلاً يحترس
من أن يُدنسه بشيْءٍ هازلِ
من يَحظ بالتوفيق يمضي مسرعاً
كالبرق في جسر المقام الهائلِ
من يعتصم بالله يَلْقَ وقاية
من كل صدمة واقع أو قائلِ
من يَرْجُ غير الله في الجلىّ ارتمى
في هُوَّة الأمر الشديد النازل
من يُكرِمِ الأحرار يحمد غِبَّة ال
عقبى بطَول لا يزول وطائلِ
في الناس أخلاق السباع فذَا على
هذا بظلم يستطيل وباطلِ
والرفق أنفع في عمومِ مصالحٍ
والسيف أقمع في زوال الباطلِ
ولقد علمتُ الداءَ قِدماً والدوا
وبكل قرح في البرية سَائلِ
فالاحتماء عن المضرَّة لازم
والقطع للمستأصل المستاكل
والناسُ أهل ضلالة لم يَهدِهم
للحق غيرُ مكارهٍ وسلاسلِ
وحوادث الأيام دولابية
تجري معاكسة بحكم حائلِ
والدهر ذو غِيرٍ فكم من سَاكتٍ
بالفكر أفصحُ من لسَانِ القائلِ
إن كنتَ لم يزجرك عقلك في الذي
تخشى ولا دين فخف من غائلِ
صانع لنفسك ما استطعتَ ولا تكن
لأسود بيشة مضغة للآكلِ
إن كنتَ تطلب راحةً وسلامة الدُّ
نيا فَرُحْ فيها بقدر خاملِ
كم معشرٍّ رتعُوا بنعمة محسن
وهمُ بحبّ عدوّه في شاغلٍ
عزُّوا بِعزه وأبدَوا حربه
بغضاً أتلك تكون حال العاقلِ
حقٌّ الكَفور زوال نعمته ومن
يشكر ففضل الله ليس بزائلِ
ولرب قوم وافقوا أهل الهدى
وسَموْا بسبق الفضل بين قبائلِ
ولربما فضحتهم البلوى ففرّ
وا عن أولي التقوى فرارَ الجافلِ
يا آل حرَّاص مضى زمن لكم
في نصرة الاسلام همة كافلِ
ولقد حوى شرفاً سلالة طالب
منكم فمات على الجميل الآهلِ
هذي صفاتُ الليث ما للشِبل لا
يقفوه أم فيه فتورة ذاهلِ
هلاَّ سلكتم في الرشاد طريقة
بأواخر مقرونة بأوائل
أم هذه أهواءُ نفسانيةٌ
فيكم تسلسل أمرُها من وائلِ
يا ليتكم لم تحربوا ووقفتم
عنَّا وقوف محمد بن الفاضلِ
لو كان عندكم لهل العدل من
ود صبرتم للمُلِمّ النَّازلِ
أحسبتم إن الرقيشي اجترى
جهلاً بكم هيهات ليس بجاهلِ
أو ليسه والي الامام وفعله
عن أمره حق وليس بباطلِ
لو كان كل القتل جوراً لم يكن
بين الضلالة والهدى من فاصلِ
والله قد شرع الشرائع لم يدع
فيها اختياراً للمريد الآملِ
وأئمةُ العدل الخلائفُ في الهدى
للأنبياء فلا جواز لعاذلِ
والله أنزل في الكتاب عقوبة ال
باغي وأوضح وهو أحكم فاصلِ
ولمن يحارب ربَّه ورسوله
فجزاؤه ما قال أصدقُ قائلِ
ولقد فشا من شيخكم خلفان ما
ضاقت به نخل بحمل الكاهلِ
تغيير أحوال ونصب مكائد
وتَلاف أموال وقتل أفاضلِ
وأمور نخل لا تزال كثيرة
ما بين والدة وأخرى حاملِ
مذ كان أصل الجور منها غائباً
ردوه فيها للصلاح الشاملِ
قد اخطؤوا نظراً فإنَّ حضوره
قد زاد بغياً في القيام الطائلِ
واختار موسى جاهداً من أمره
سبعين فانقلبوا بحالة جاهلِ
ما كل مجتهد يصير موفقاً
في الخير أجر باجتهاد العاملِ
حتى تَشَاهر أمر خلفان وزاد
الهيل صبّاً فوق كيل الكائلِ
فأقام رب الخلق عبداً باسلاً
فأذاقه حر الحديد العاملِ
لله أنت فتى حمود لم تزل
سيفاً يقطّع كل باغ غائلِ
لو لم يكن في عبس غيرك حسبُها
شرفاً فكيف وهم كرمل حافلِ
لله يومك يا سلالة سالم
فلقد أذقت الجور ثُكْلَ الثاكلِ
ابني رقيش أنتم أهل الهدى
وفَنَا العِدا وبنو الوغى والنائلِ
لما رأت حراص قتل أميرهم
جمعوا جموعهم لقتل القاتل
من آل حراص وذيبان وأب
نَاء السياب وجمع عوف الصَّائلِ
ذبيان أهل الطولا الأقصون وا
لأدنون من حرب السَّيابي الواصلِ
آساد كل عريكة وُرَّاد كل
شديدة أبطال كل مَقاتلِ
طلبوا زوال العار عنهم في الدُّنا
والنارُ في الأخرى أشرّ منا زلِ
أوما دروا أنَّ البُنوّة في الهدى
ترمي الابوّة في الضلال العائلِ
هذي الصَّحابة بعضهم عادى أبا
هُ أو ابنَه في الكفر عند تقابلِ
قد آثروا ديناً رَضي المولى ولم
تأخذهم فيه حميّة جاهلِ
وجنود حَّراص أبوا إلا الردى
بالمسلمين أو انقياد الفاعلِ
كم باذلٍ من ودّه نصحاً لهم
يا قومَنا للنصح هل من قابل
وإذا الهوى استولى على قلب الفتى
لا ينثني عنه بعذل العاذلِ
حَذَر الفتى لم يغنِ عن قدَر وإن
حان القضا ضاق الفضا بالنازلِ
ايغالِبُون الغالبين ومن لهُ
حول على حرب القوي الطائلِ
فتهافتوا بجنودهم وثباً على
نخل وسدوا كل ثغرٍ مائلِ
سدُّوا منافذها ولو أنَّ الصبا
مرّت بها رجعت بأقوى حائلِ
واستنزلوا العاقوم من فيه ولم
يدَعوا لأهل الحصن وقفة قائلِ
شادوا مقاعد للقتال وقبَّلوا
بالصُّمْع أوجُهَ كل قرم باسلِ
وتمكنوا في نَخْل شاذانٍ ولم
يدفعهم من أمل أو ماهلِ
قد زيّن النجدي حربَ
المسلمينَ لهم فأوقعهم بسر آيلِ
واستقبلوا الحصن المنيع ودونه
شهُب تَخطّفُ كل باغٍ خاذلِ
وامتدت الأعناق من قوم لهم
بمعاقل الإِسلام قصدَ محاولِ
واستقرحوُا نفقاً له وتطاولت
فيهم لحصرهم غواية جاهلِ
وتكاثرت فيهم ظنون أنَّ في
حزب الهُدى ضعفاً وطولَ تكاسلِ
فنما الصريخ إلى الامام وحزبه
يا غادة الله اغضبي بالعاجلِ
يا غيرة الاسلام هل من نجدة
تدع الضلال مجندلاً بجنادل
هذي جنود الاعتدا فمتى الهدى
يرمي العِدا بصواعق وزلازلِ
فأتى الإِمام أبو الخليلِ محمدٌ
أكرمْ بذيّاك الامام العادل
تاج العلا بدر الدجى شمس الضحى
دهر الهدى قهر العدى والناكلِ
انسان عين الدهر عنوان الهنا
نور الدُّنا أقصى المُنى للآمل
زهرت به الدنيا وطاب مقامها
وحَلَتْ لنا بمشارب ومآكلِ
ذو رحمة للمهتدين ونقمة
للمعتدين ونعمة للسَّائلِ
متهلل للنائبات محلل
للمشكلات مكشِّف لنوازلِ
بحر طمى علماً وجوداً للورى
والمستفيدِ وللفقيرِ العائلِ
لا يغضبن لنفسه لكنه
لله لا تثنيه صولة صائل
غوث الأنام و بهجة الأيام من
هل الغمام بصاعق و بنائل
محيي رفات الدين جامع شمله
بالمرهَفات وبالرشاد الحاصلِ
حاز العلا إرثاً وكسباً فاستوى
فيها على كرسي المقام الكاملِ
أمسى لسالمٍ الإِمام خليفةً
وأقام مثل مقامه المتماثل
فرعان نافا من أعالي هضبةٍ
قد اثمرت عِزَّ الطريق الفاضلِ
أما الامام أبو خليلٍ فهو في
نشر العلوم غدا عديمَ مماثلِ
وإذا الشدائد ضيّقت حلَقاتها
رُميتْ بكشفٍ منه كاف كافلِ
ولذاك أقبل ماحياً جيشَ البغ
اة ومثبتاً أمر الرقيشي الباسلِ
أفضى الامام على البغاة عرمرماً
تهتز منه الأرض هزّ الذابل
بحر طما متلاطم أمواجه
في قعره غرقت عصائب وائلِ
متأجج ناراً كأنّ لهيبَه
سقرٌ مُحرّقةٌ زروعَ أباطلِ
حفت بنصر عاجل راياته
وظُباته طبعت بسم قاتلِ
لا يوم زحزحة ولا خضرية
يحكيه وقع تدافع وتداخلِ
كم نازل هو قاصف لمنازل
ومقاتل هو عارف بمقاتلِ
عبس هناة حمِيْرَ حكم خرو
ص ذهل شيبان وشمس معاولِ
وبنو شكيل فيهم وقبائل الر
ستاق مقدمة الهلال الكاملِ
من آل بدر سيد متواضع
ساد الورى بفضائل وفواضلِ
وبنو خروص فيهم الشيخ المجا
هد ناصر صنو الإِمام الفاضلِ
لله جاد بنفسه وبماله
وسما ولاتَ منازل ومناصلِ
وجميع هاتيك القبائل سُبَّقٌ
للمكرمات ورُشّق بالنابل
كل غطارفة جحاجحة الوغى
شادوا العُلا بمكارم وشمائلِ
وأتى أمير الشرق والغرب الذي
سكنت به الدنيا بحجم فضائلِ
عيسى الأمير العادل الغوث الذي
كشف الخطوب بعزمه المتواصلِ
كهف البرية مظهر الاسلام نصّ
اب الأئمة في الصلاح الشاملِ
لولاه ما قامت بنزوى دولة
بعد الخروصي الشهيد العادلِ
وكذلك الرستاق تشهد إنها
لولاه قد صارت بحال عاطلِ
وكذاك نخلُ على شفا فسرى لها
بجحافل موصولة بجحافلِ
في يحمد في آل عيسى في بني
حبس وآل وهيبة بذلائلِ
في مالك وبني علي في الشبول
بكل ليث في العرينة شابلِ
في آل همدان واخوتهم ندا
ب وشيخ نفعا في رؤوس قبائلِ
الواردين الموت أطيب مورد
والصَّادرين على الجميل الآهلِ
والعارفين الله في مسعاهم
في عاجل طلبوا رضاه وآجِلِ
والناشرين شعائر الاسلام في
اقطارهم ببنادق ومناصلِ
والمعلنين لكِلَّمة التوحيد وال
معلين واجبها بأسمرَ عاسِلِ
والباسطين أكفهم ووجوههم
في النازلين وفي الزمان البازلِ
والمخضبين سيوفهم بدم العدا
بسيوف حقٍّ في الدماء نواهلِ
سار الأمير بهم مسير البدر في
ظلل الغمام إلى المكان الماحلِ
لم يبقَ عند مرورهم من موضع
إلا وكاد يسير إثْرَ الواحل
ِساروا وليلة ثامن وصلوا فكم
من نُجْح أمر قابل في الواصلِ
والمسلمون بمسلمات تماوجوا
كالبحر يقذف موجه بالسَّاحلِ
وأرى المعاول كالأسود تجمعوا
في مسلمات مع اللهام الحافلِ
حتى انتهوا وترادفت رسل إلى
نخل بنصح قبل صدمة نازلِ
لم يقبلوا نصحاً وكلهم أبوا
إلا القتال ببادرات قواتلِ
فتوشح الغضَب الإِمامُ وأقبلوا
لوجوه نخل كالجراف السَّائلِ
أسرى إليها المسلمون وأطبقوا
بجهاتها كخواتم بأنامل
قدموُا قبيل الصبح ليلة عاشر
بالعيد من ذي الحجة المتكاملِ
لم يغفلوا عن يوم نصرتهم فأرّ
خ كلها والله ليس بغافلِ
صلوا الغداة امامها واستقبلوا
صدر العدا بضياء وجه كاملِ
لله در عصابة قدموا على
نخل سحيراً كالقضاء النازلِ
وَهْبيّة التوحيد مرداسية التج
ريد محبوبية المتباهلِ
بذلوا نفوسهم النفيسة قربةً
لله مغتنمين ربح الباذلِ
والحور مشرفة لتكرم ضيفها
تهتز بين أساور وخلاخل
وقعوا على الأعدا وقوع النسر من
جو السماء على المكان النازل
فتوقدت نار الوغى و تصادم
الجمعان في رهج عظيم هائل
فالأفق بالبادود مظلمة ول
كن أشرقت في ضوئه بمشاعل
ضاءت وأصعقت البنادق وانكفت
كرواعد وبوارق ومخائل
والحصن فتَّح أهلُه أبوابَه
فغدوا كأسد للكما أو أكل
وعلا القَتام من الضرائب واختفت
عين السماء وما لها من كحل
حتى استبان الخطب عن قتلى وعن
جرحى أفاضلَ جمّةٍ أسافِل
لم ينحروا للعيد ما اعتادوه في
هِ سوى ضحايا سادةٍ وعباهل
يا صبح ذاك اليوم كم من حسرة
في قلب أيتام عنت وأرامل
كم باسل ورد الوغى صِرفاً وكم
من فاضل شهد الحمام وفاضل
شهداء قد حيا الفَنَا أرواحَهم
في طير خضر أُودعت بحواصل
والنصر صح لدى الامام وحزبه
والقهر حلَّ على حماة الباطل
حرَّاص من نخل تمزق جمعهَا
كسَبا تمزق أهلها من بابل
كم من جريح أو قتيل أو أسي
رٍ أو هزيم هالكاً بمجاهل
فقصورهم قد هدمت وجنانهم
قد صرّمت وسلاحهم في الشاعل
والبرج هدَّم برج عاقوم وما
منه يخاف من البناء الخاتل
وسُقِي حُمودٌ نجلُ سالمٍ الردى
من حَرّ ماضٍ للغلاصم فاصل
وتشوّهت نخل وجوهاً بعدما
كانت عروساً في الشباب الخاذل
يا ساكني نخل عجيب أمركم
صرتم مع الأعدا أشرَّ مقاتل
أوَ ما تقدم منهم محنٌ لكم
وغصصتم منهم بحر مناهل
أوَ ما رميتم بالصغار وبالوبا
رِ وبالشنار وبالنكال الخابل
أيليق فرعاً أن تعادوا خصمهم
ويحلُّ شرعاً نصر باغ غائل
لكنكم أنتم توابع غاشم
لا تخضعون إلى الرحيم العاقل
هلا سلكتم في رعاية حالكم
وصلاحه نهج الحكيم القائل
لالا أذود الطير عن شجر جني
ت المرّ من ثمر له متهادلٍ
فتندمُوا وتنصَّلوا واسترجعوا
إصلاح داركم بِبرّ العاملِ
وأمير حمير وارد بجنوده
حرباً كأسعد ذي الجيوش الكاملِ
متداركٌ عزّ الامام وحزبه
مستعقب الماضي بنصر العَاجلِ
لم لا يكون معزّزاً وأبوه من
لقوام هذا الأمر أول فاعلِ
حاشاه من أن تعتريه هوادة
أو ميلةٌ من قول لاحٍ عاذلِ
والفرع تابعُ أصلِه وكفى بذا
شرفاً لأصلٍ في الهدى متناسلِ
من آل نبهان الألى ملكوا القرى
بذوابل ومناصل وصواهلِ
هبطوا من الجبل الكبير وفيضوا
أرجاءه مثل السحاب الهاطلِ
وجدوا الدِما جفّت وجذوتها انطفت
وثغورها مفتوحة للداخِلِ
يا وقعة حلَّت بنخل شابهت
نفعاً قديماً في حديث الناقلِ
ولها إمام الأرض عِزّان وشيخ
العلم مرشده لخير شاملِ
علاَّمة الآفاق جَدُّ إمامنا
ذاك المجلي في الظلام السَّادلِ
نثر العلوم أجلها وأدلها
بمسائل للباقيات وسائلِ
لله عزان بن قيس مَنْ سخا
بالعدل في ذاك الزمان الباخلِ
من أحمد بن سعيد الأصل الذي
نارت عمان بعدله المتطاولِ
والحمد لله الذي أجلى الصَّدى
بترنم من شاديات بلابلِ
قل للذي يبغي انتقاص بدائعي
إني أُغرِّقُه ببحر الكاملِ