جلا الحق قلبي حتى أنارا

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

جلا الحق قلبي حتى أنارا

​جلا الحق قلبي حتى أنارا​ المؤلف لسان الدين الخطيب


جلا الحق قلبي حتى أنارا
فآنست من جانب الطور نارا
ودرت على مركزي دورة
يحقر من دارها ملك دارا
وحققت أنيتي وهي كنز
فأخرجته إذ هدمت الجدارا
وأبصرت رسمي رسما محيلا
وأبصرت وصفي وصفا معارا
فمن كان مثلي نال الغنى
وباهى وجر الذيول افتخارا
رمى للوجود بأوهامه
وحل القيود وفك الإسارا
ولم يرض من بعد بالأهل أهلا
ولم يرض من بعد بالدار دارا
فمهما نطقت نطقت ادكارا
ومهما صمت صمت اعتبارا
ودير قطعت إليه الفلا
وجبت الدجى وركبت البحارا
ونادمت من أهله فتية
تراهم سكارى وما هم سكارى
كلفنا به في سياق الحديث
فقمنا نعاقر فيه العقارا
ولما حللنا بأكنافه
حللنا الحبا ونبذنا الوقارا
وطرنا إلى الراح فيه ارتياحا
ومن هزه الوجد والشوق طارا
ولاحت لهم خطفات البروق
تلوح مرارا وتخفى مرارا
يعارض فيها الجلال الجمال
فهم بين قبض وبسط حيارا
زعقنا براهبه زعقة
وقلنا مددنا الأكف افتقارا
ومن أجل خمرك جبنا الفلا
وخضنا الدجى وقطعنا القفارا
فقال وما مهرها عندكم
فقلت أمتنا النفوس الكبارا
فقال خبأت لكم خمرة
تشح عليها النفوس الغيارا
فكل حكيم وذكر حكيم
عليها حنا وإليها أشارا
مقدسة عن مكان يرى
منزهة عن شعاع توارا
معتقة جسمتها اليهود
ومن بعدها ثلثتها النصارى
وقال البراهيم والفرس فيها
وقد جهلوا الحق نورا ونارا
وغبنا فلم ندر من أمرنا
سوى أننا قد غلبنا اضطرارا
إليك سمي نبي الهدى
مقالا يطابق منك اختيارا
دعتني لما لست أهلا له
علاك فجئت بجهدي ائتمارا
فغط على نقصه بالكمال
وأول قبولك مني اعتذارا