تيقظ فما انت بالخالد

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

تيقَّظ فما انت بالخالدِ

​تيقَّظ فما انت بالخالدِ​ المؤلف معروف الرصافي


تيقَّظ فما انت بالخالدِ
ولا حادث الدهر بالراقدِ
فخلَّد بسعيك مجداً يدومُ
دوام النجوم بلا جاحد
وأبق لك الذكر بالصالحات
وخل النزوع إلى الفاسد
وردْ ما يناديك عنه الصدور
ألا دَرَّ درُّك من وارد
وسر بين قومك في سيرة
تميت الحقود من الحاقد
فان فتى الدهر من يدّعي
فتأتي اعاديه بالشاهد
ولا تك مرمى بداء السكون
فتصبح كالحجر الجامد
وكن رجلاً في العلى حُوَّلا
تفنن في سيره الراشد
اذا اطَّردتْ حركات الحياة
ومرت على نسق واحد
ولم تتنوع افانينها
ودامت بوجه لها بارد
ولم تتجدد لها شملة
من السعي في الشرف الخالد
فما هي إلا حياة السَّوام
تجول من العيش في نافذ
وما يرتجي من حياة امرىء
كماءٍ على سَبخة راكد
وليس له في غضون الحياة
سوى النفس النازل الصاعد
يغضُّ على الجهل اجفانه
ويرضى من العيش بالكاسد
فذاك هو الميت في قومه
وان كان في المجلس الحاشد
وما المرءُ إلا فتى يغتدِي
إلى العلم في شَرَك صائد
سعى للمعارف فاحتازها
وصاد الانيس مع الآبد
وطالع أوجه أقمارها
يعين بصيرٍ لها ناقد
فأبدى الحقائق من طيها
وألقى القُيود على الشارد
اذا هو اصبح نادى البدار
وشمرَّ للسعي عن ساعد
فكان المجلَّىَ في شأوه
بعزمٍ للسعى عن ساعد
وإن بات بات على يَقظَةٍ
بطرف لنجم العلى راصد
واحدث مجداً طريفاً له
واضرب عن مجده التالد
وما الحمقُ الا هو الاتكالُ
على شرفٍ جاء من والد
فذاك هو الحيُّ حيَّ الفخارِ
وان لحدتهُ يدُ اللاحد