تصدت لو شك البين من جفوة الصد

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

تصدت لو شك البين من جفوة الصد

​تصدت لو شك البين من جفوة الصد​ المؤلف ابن دارج القسطلي


تصدت لو شك البين من جفوة الصد
وحلت قناع الصبر عن زفرة الوجد
وألقت إلى حكم الأسى عزة الأسا
فنم بما تخفي تباريح ما تبدي
وأسفر ريب السخط عن صادق الرضا
ولاح هلال الوصل من مغرب الصد
فوشكان ما لفت قضيبا بقاضب
وأدنت نجاد السيف من مسلك العقد
وهب غليل الشجو في غلل اللمى
وسال جمان الخد في يانع الورد
فجرعت حر الشوق من برد الحيا
وزودت مر الصاب من ذائب الشهد
وقالت وتوديع التفرق قد هفا
بصدر إلى صد وخد إلى خد
عسى قرب ما بين الجوانح فألنا
لمجنى ثمار القرب من شجر البعد
فسبقا إلى ذي السابقات برحلة
تلوح بنجم العلم في مطلع السعد
إلى الحميري العامري الذي به
غدت حرمة التأميل وارية الزند
إلى ملك ملء الرغائب والمنى
وملء نجاد السيف والدرع والبرد
وملء مكر الخيل في حومة الوغى
وملء رداء الحلم في مشهد الحمد
ومؤتمن لله مستحفظ له
لما ضاع من حق وما خاس من عهد
تجلى لنا في مطلع الملك فانجلت
به ظلمات الغي في سبل الرشد
فأعلق سيف النصر في عاتق العلا
وأثبت تاج الملك في مفرق المجد
وأشرق في جو من العز معتل
وأغدق من ظل على الأرض ممتد
ولاقى وجوه الراغبين كأنما
أمانيهم يصبحن منه على وعد
ونادى خطوب الدهر برحت فاقصري
وثوب بالآمال أبرحت فامتدي
إلى روح إنعام يراح إلى المنى
ولجة معروف تهل إلى الورد
تراثك عن جد وجد بهديهم
تناهى بك الدنيا إلى أسعد الجد
فحسبك من نفس وكافيك من أب
وشرعك من عم وناهيك من جد
بهم مد بحر الدين في كل بلدة
وهم تركوا بحر الأعادي بلا مد
وهم عمروا الأيام من ساكن الهدى
وأخلوا غياض الشرك من ساكن الأسد
وهم جردوا أسياف دين محمد
وخلوا سيوف الناكثين بلا حد
وهم سلبوا التيجان كسرى وقيصرا
وحلوك تاج الملك فردا بلا ند
دعائم سلطان وأركان عزة
بها وشجت قربى تميم من الأزد
وما حفظوا أعلامها ونظامها
بمثلك من مولى ومثلي من عبد
بما شدت فيها من سناء ومن سنا
وراق عليها من ثنائي ومن حمدي
فما جلت الدنيا عروس رياسة
لملكهم إلا وفي صدرها عقدي
ولا جاشت الآفاق من طيب ذكرهم
بجيش ثنا إلا وفي وسطه بندي
بما بسطوا لي أيديا ملكت يدي
أعنة أعناق المسومة الجرد
وما مهدوا لي من فراش كرامة
وما أتبعوني من لواء ومن جند
وكم جللوني نعمة قد جلوتها
على غابر الأزمان في حلة الخلد
فإن تمتثلها منهم في فذة
فكم حزتها منهم عداء بلا عد
وإن تحبنيها عن تناهيك في النهى
فقدما حبانيها أبوك من المهد
وإن عم أهل الأرض فيض نداكم
فإني قد برزت في شكركم وحدي
بدائع أضحت فيكم آل يعرب
أوائل ما قبلي وآخر ما بعدي
وما بعد عهدي عنك ينسي عهودهم
إليك بحقي من وفائك بالعهد
ولا نأي داري عنك يبلي وسائلا
جلي بها قربي وفي بها بعدي
فلا أخطأت أسيافكم سيف معتد
ولا خذلت أيديكم ظن معتد
ولا زالت الأيام تشرق منكم
كما أشرق الإحسان من عندكم عندي