انتقل إلى المحتوى

تركنا لكم دنياكم وتخاضعت

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

تركْنا لكُمْ دنياكُمُ وتخاضَعَتْ

​تركْنا لكُمْ دنياكُمُ وتخاضَعَتْ​ المؤلف ابن الرومي


تركْنا لكُمْ دنياكُمُ وتخاضَعَتْ
بِنَا هِمَمٌ قد كُنَّ فوق الفراقِدِ
لئن نِلْتُمُ منها حُظوظاً لقد غَدتْ
نفوسُكُمُ مذمومةً في المشاهدِ
كسوْتُم جُنوباً منكُم لِبْسَةَ القِلى
وعرَّيْتُمُوها من لباس المحامد
فإن فخرت بالجود ألسُنُ معشرٍ
عَضِضتُم على صُغْرٍ بُصمِّ الجلامد
تَسمَّيْتُمُ فينا مُلوكاً وأنْتُمُ
عبيدٌ لما تحوي بطونُ المزاودِ
ومكَّنْتُمُ أذقانَكُمْ من نُحوركُمْ
كأنَّكُمُ أولادُ يَحيَى بن خالدِ
فلو أن أعناقاً تُمَدُّ لخيركُمْ
لقلَّدْتموها خاملاتِ القلائدِ
متى آل وهب يَرْتَجي الرِّيَّ حائمٌ
إذا كنتُم مُلاَّكَ سُبْل المواردِ
لقد ذُدْتُمونا من مشارِبَ جَمَّةٍ
وغَرَّفْتُمُ في غمرها كلَّ جاحدِ
وأحيَيْتُمُ دينَ الصَّليبِ وقمْتُمُ
بتشيِيدِ أعْمارٍ وهدْمِ مساجدِ
وإبطال ما كان الخليفة جعْفَرٌ
تخيَّرَهُ زِيّا لكلِّ مُعاندِ
ومَلَّكْتُمُ لَيْثاً كُنوزاً مصونةً
ببذْلٍ لأعراضٍ ومنْع مواعدِ
فكل الذي أظهرتُمُ من فَعَالكُمْ
دليلٌ على تصديق خُبْث الموالد
لكم نعمةٌ أضحتْ لضِيق صُدوركُمْ
مُبَرَّأَةً من كل مُثْن وحامدِ
كَسَبْتُمْ يساراً وأكتَسبتم ببخلِكُمْ
شَناراً عليكم باقياً غير بائدِ
فإن هي زالت عنكُمُ فزاولُها
يُجدِّدُ إنعاماً على كل ماجدِ
ولو أن وهباً كان أعْدى أكفَّكُم
على البخل من جُود استه بالأوابدِ
لظلَّتْ على العافين أسْمَحَ بالندى
من الهاطلات البارقات الرواعدِ
وعَلَّ سَمِيَّ المبْتَلى في جبينه
سيأخذ بالثارات من كل فاسدِ