تاريخ الفلسفة اليونانية (1936)/الباب الثالث/حياته ومصنفاته

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة


الفصل الأول

حياته ومصنفاته

٢٨ – حياته

أ – ولد أرسطو سنة ٣٨٥ في أسطاغيرا، وكانت مدينة أيونية قديمة على بحر إيجه في الشمال الشرقي من شبه جزيرة خلقيدية في تراقية على حدود مقدونية، وفي عهده استولى عليها المقدونيون وخربوها وسميت فيما بعد أسطافرو، وكانت أسرته معروفة بالطب كابرًا عن كابر، وكان أبوه نيقوماخوس طبيبًا للملك المقدوني أمنتاس الثاني أبي فيليبوس أبى الإسكندر، توفي وما يزال أرسطو حدثًا فلم يأخذ عنه، ولما بلغ الثامنة عشرة قدم أثينا ليستكمل علمه، فدخل الأكاديمية، وما لبث أن امتاز بين أقرانه فسماه أفلاطون «العقل» لذكائه الخارق، و«القراء» لاطلاعه الواسع، ثم أقامه معلمًا للخطابة فيما يقال، ولزم أرسطو الأكاديمية عشرين سنة أي إلى وفاة صاحبها، وحسبنا هذا دليلًا على بطلان ما جرت به بعض الأقاويل من مجافاته أستاذه في العهد الأخير، أو على مغالاتها فيما قد يكون وقع بينهما من المنافسة العلمية، فإن أرسطو كان قد نقد نظرية المثل، ولعله كان قد كَوَّنَ مذهبه ونقد نظريات أخرى، فهو في كتبه لم يدع قولًا لأفلاطون إلا تناوله بالتجريح ١٤٢ في لفظ جاف و الحاح عنيف ، اللهم إلا مرة واحدة حيث قال كلمته المشهورة « أحب أفلاطون وأحب الحق وأوثر الحق على أفلاطون ») و بقاؤه في الأكاديمية يدل على أنه عرف كيف يوفق بين إيثار الحق و بين احترامه لأستاذه وعرفانه الجميله . ب -- ولما توفى أفلاطون غادر أرسه و أثينا ، وتريد هاته الأقاويل أن يكون سبب ارتحاله حنقه من ترؤس غيره على المدرسة ، والإنعاف يقضى أن تذكر أن موقفه في المدينة كان قد تحرج ، وقد تألف فيها حزب وطني بزعامة ديموستين لمقاومة فيليبوس ، وكانت علاقة أسرة أرسطو بالبلاط المقدوني معلومة للجميع . قصد إذن إلى آسيا الصغرى وقضى فيها ملة وتزوج ، وفيها هو هناك استقدمه فيليبوس ليعهد إليه بتثقيف ابنه الإسكندر البالغ من العمر ثلاث عشرة سنة . ولا نعلم كيف كان منهجه مع تلميذه ولكنا نعلم أن فيليبوس أمر بإعادة بناء أسطاغيرا ماله الخاص فدل بذلك على عظيم مكانة الفيلسوف عنده . واستمر أرسطو على العناية بولى العهد أربع سنوات متصلة حتى إذا ما بلغ الإسكندر السابعة عشرة شارك الجيش في حروبه وذاق لذة النصر فتباعدت الصلة بينهما . ولا ناهز العشرين نودی به ملكا بعد أبيه المقتول غيلة ، فتوفر على توطيد حكمه وتوسيع سلطانه . وعاد أرسطو إلى أثينا في أواخر سنة 335 ، وكانت قد خضعت لقوة فيليبوس.. whithinnithe f factions € (1) . ح - فلما استقر بها أنشأ مدرسة في ملعب رياضي يدعى لوقيون فيرفت بهذا الاسم . ولكنه لم يكن صاحبها القانوني لأنه كان أجنبيا فسجلها باسم ثاوفراسطوس صديقه وتلميذه ووهبه لهذا الغرض منازل و بساتين ابتاعها في المدينة - وقسم رجال المدرسة طائفتين : أعضاء مسنين ينتخبون الرئيس وأعضاء أحداثاً . وكان من عادته أن ينشئ ممشى إلى جانب الملعب فيوافيه التلاميذ إليه فياقي . (۱) هي مشهورة بهذا النص - انظر ترجمة العبارة كاملة فيا بعد عدد ۷۰ ب. ١٤٣ ..... عليهم دروسه وهو يتمشى وهم يسيرون من حوله فاقب، لذلك هو وأتباعه بالمشائين .. و يقال إن دروسه كانت نوعين : صباحية مخصصة للتلاميذ تدور على الفلسفة. ومسائية عامة تدور على الخطابة . ويذكر كذلك أنه أنشأ مكتبة كانت الأولى من نوعها في العصر القديم ومعملا للتاريخ الطبيعي ، ويشهد ما وصل إلينا من كتبه وكتب تلاميذه على أن العمل كان كثيرا والبحث شاملا جميع فروع العلم . و - و بعد اثنتي عشرة سنة اضطر أرسطو أن يبرح أثينا مرة ثانية ، فإن الإسكندر مات بالحمى سنة ٣٢٣ فعاودت ديموستين وحزبه آمالهم وعادوا إلى نشاطهم وأخذوا يطاردون الأجانب ، واتجهت الأنظار إلى أرسطو مع أنه لم يشتغل ومع أن العلائق كانت قد توترت بينه و بين الإسكندر من قبـل سنتين لما علم الملك بمؤامرة عليه وقتل فيمن قتل من المتآمرين ابن أخت أستاذه . لم يبال الأثينيون بذلك ولجأوا إلى حيلة طالما اصطنعوها من قبل فأتهموه بالإلحاد فعهد بالمدرسة إلى ناوفراسطوس وغادر المدينة وهو يقول متبكا : « لاحاجة لأن أهيء للأثينيين فرصة جديدة للإجرام ضد الفلسفة ، وقصد إلى مدينة خاميس في جزيرة أوبا ، وكان ممدوداً منذ زمن طويل فمات هناك بمرضه في السنة التالية وهو في الثالثة والستين ، عن زوجته الثانية ( وكانت الأولى قد توفيت ) وابنة من. هذه وابن من تلك اسمه نيقوماخوس . بالسياسة قط ا ٤.٥٠ -- مصنفاته : .. لكتب أرسطو قصة ذكرها أسترابون في جغرافيته وأفلوطرخس في ترجمة سيلا ملخصها أن تأوفر اسطوس لما حضرته الوفاة أومى بمكتبته لزميل له وكانت فيها مخطوطات أرسطو مع مخطوطاته ، فلما توفى هذا الزميل وأدرك ورثته قدر الكتب ضنوا بها أن تقع في أيد غريبة ، وكان بعض الأمراء وقتذاك يطالبون س ١٤٤۔۔۔۔ الكتب في جميع مظانها ، فخبأوها في قبو بقيت فيه مائة سنة أو أكثر إلى أن اكتشفت مكدسة من غير ترتيب وقد نال منها التعفن فاشتراها رجل خبير بالكتب واستنسينها كما وجدت دون عناية بإصلاح مافـد منها . ثم وقعت مكتبة هذا الرجل في أيدى الرومان فنقلوها إلى روما وكافوا بمراجعتها عالما كان عند شيشرون مؤدباً وأمينا للمكتبة ، فلم يجيء عمله وافيا بالرام فرض الأمر بعد ذلك بقليل أندرونيقوس الرودسي الزعيم الحادي عشر على اللوقيون بعد أرسطو وأخرج للناس نسخاً صحيحة أضاف إليها فهارس وكتاباً بين فيه المنهج الذي اتبعه . ... هذه القصة موضوعة من غير شك إذ كيف يعقل أن مكتبة اللوقيون لم تكن تحتوى على نسخ من مصنفات أرسطو يرجع إليها المسلمون والتلاميذ ؟ وكان للمدرسة فروع منها فرع رودس أنشأء أوديموس تلميذ أرسطو وخرج منه أندرونيقوس فكيف يمكن الاعتقاد أن هذه المدارس كانت خلوا من نسخ تعول عليها ؟ يلوح أن الأصل في وضع القصة أن الجمهور المثقف لم يكن يعرف من أرسطو غير المصنفات التي أذاعها في دور الشباب ، وأن تأليفه العلمية بقيت وقفا على بعض المدارس والعلماء إلى أن نشرها أندرونيقوس في منتصف القرن الأول قبل الميلاد . وقد تسلم بصحة القصة إجمالاً فلا يلزم منها سوى أن ما ترويه من الأحداث أصاب نسخا من كتب أرسطو لم تكن هي مخطوطاته ولا النسخ الوحيدة ، لما قدمنا . أما مصنفات الشباب فقد ضاعت جميعا وكل ما فعله عنها مستمد ، من فهارس قديمة و إشارات ومقتبسات وردت لدى قدماء الكتاب ، هي محاورات على طريقة أفلاطون في عهده الأخير ، بل إن الحوار فيها قصير جدا لا يتعدى افتتاح ا الكلام ووضع المسألة ثم يشرح المؤلف رأيه في خطاب طويل كما يشرح سقراط رأى أفلاطون . يذكرون منها : السياسي ، السوفسطائي ، منكسينوس ، المأدبة ، في البيان ، إسكندر ، في العدالة ، في الشعراء ، في الصحة ، في الصلاة ، في التربية ؛

في اللذة ، ويذكرون « أوديموس » في خلود النفس و يقولون إن أرسطو حذا

في هذا الكتاب حذو أستاذه في « فيدون ، وأبان ضمنا أنه كان يقبل القول بحياة سابقة وبالتناسخ والتذكر ---- وكتاباً « في الفلسفة أو في الخير ، وضعه في الوقت الذي كان يتحرر فيه من تأثير أفلاطون ، بدأه بفذلكة عن تاريخ الفكر وتقدم الإنسانية ، وتطرق إلى نقد نظرية المثل وحدوث العالم ، وانتهى بالبرهنة على ألوهية الكواكب . ح ـ وأما مصنفات الكهولة فقد بقى معظمها وليس للحوار أثر فيها و إنما هي موضوعة في قالب تعليمي . لم تكن معدة للنشر ولكنها مذكرات أجزاء منها فقط محررة تحريراً نهائيا والباقي منه مادونه لنفسه ( وهو الأكثر ) ومنـه ما دونه تلامذته عنه وراجعه هو ، وهذا يفسر صعوبة أسلوبها وافتقارها للشرح منذ القديم وكونها لم تتداول إلا في المدرسة إلى أن نشرها أندرونيموس كما قلنا . وكان يعود عليها كل وقت بالتنقيح والزيادة والإحالة من بعضها إلى بعض . لذلك يستحيل تأريخها أو تبين أي تطور من كتاب إلى آخر ، ولسنا بحاجة التأريخ فإن لكل منها موضوعاً خاصئًا لا يخرج عنه والكلام فيه مرتب ترتيباً منطقيا والمذهب فيها واحد متناسق ، ولسنا نصف هنا محتوياتها فإن هذا الوصف سيأتى في سياق عرض الذهب . فنقتصر على ذكر أسانها ، وهي تنقسم خمسة أقسام بحسب مبدأ سنبينه في موضعه ( ٤٧ - ١ ) : 1) الكتب المنطقية ، وقد لقبت فيها بعد بأورغانون أى الآلة (الفكرية) : المقولات ، العبارة ، التحليلات الأولى أو القياس ، التحليلات الثانية أو البرهان ، الجدل ، الأغاليط – وقد جرت عادة الفلاسفة الإسلاميين أن يذكروها بأسانها اليونانية فيقولون : قاطیغورياس ، بارى أرمنياس ، أنالوطيقا الأولى ، أنا لوطيقا ا الثانية ، طربيقا ، سوفطيقا . 14 - | ( ۱۰ -- فلفة ) ۲) الكتب الطبيعية ومنها كتب كلية يتعلم منها الأمور التي تم جميع الطبائع ، وكتب جزئية يتعلم منها الأمور التي تخص كل واحد من الطبائع وهى : السماع الطبيعي أو سمع الكيان ( وهو كتاب كالي في الطبيعة ) ، الكون والفساد ، الآثار العلوية ، المسائل الحيلية ( الآليات ) يشك البعض في إمكان نسبتها إليـه ويقبلها البعض . ثم كتاب النفس ( وهو كلى يأتى بعـده ثمانية كتب صغيرة جمعت تحت اسم « الطبيعيات الصغرى » هي ) : الحس والمحسوس ، الذكر والتذكر ، النوم واليقظة ، تعبير الرؤيا في الأحلام ، طول العمر وقصره ، الحياة والوت ، التنفس ، الشباب والهرم . ثم خمسة كتب في التاريخ الطبيعي هي : تاريخ الحيوان ، أعضاء الحيوان ، تكوين الحيوان ، مشى الحيوان ، حركة ا ی الحيوان ، D

ا . وهي 3) الكتب الميتافيزيقية أي ما بعد الطبيعة : يلوح أن أندرونيقوس هو الذي جمعها على الترتيب المعروف منذ أيامه ووسمها بهذا الاسم لأنها تأتى بعـد الطبيعيات ، وكان أرسطو قد سمى موضوعها بالعلم الإلهى و بالفلسفة الأولى . تؤلف مجموعة واحدة وتعرف عند الإسلاميين بهذه الأسماء الثلاثة وأيضاً بكتاب الحروف لأنها مرقومة بحروف الهجاء اليونانية . 4) الكتب الخلقية والسياسية : الأخلاق الأوديمية ( في سبع مقالات ) والأخلاق النيقوماخية ( في عشر مقالات ) ، والأخلاق الكبرى ( في مقالتين ) ، والكتابان الأول والثاني روايتان لدروس أرسطو الشفوية ، ولكن الأول أقدم لأنه أقرب إلى أفلاطون ، والثاني أقرب إلى مذهب أرسطو وأكل لأت ی المقالات الرابعة والخامسة والسادسة من الأول ضاعت فوضعت مكانها المقالات المقابلة لها في الثاني . أما الثالث فهو تلخيص الكتابين بالرغم من . ضخامة أسمه ولم تنقل الأخلاق « إلى » نيقوماخوس و « إلى » أوديموس لأن الإخصائيين الآن ) + 12V-- يعدلون عن هذه الترجمة و يقولون إن العنوان اليوناني مبهم يحتمل ثلاثة معاني : الواحد و الأخلاق إلى ... » يعنى أن الكتاب مهدى إلى ... والآخر « أخلاق نيقوماخوس » يعنى اسم الناشر والثالث و الأخلاق النيقوماخية ، و يذهبون إلى أن المعنى الأول غير مقبول بحجة أن الكتاب من أقدم كتب أرسطو فيها يلوح وأن نيقوماخوس كان صبيا عند وفاة أبيه ، ولسنا نرى ما الذي يمنع أن يكون أرسطو أضاف اسم ابنـه للكتاب . كذلك يرفضون المعنى الثاني بحجة أن ليس عليه دليل ، و يميلون للمعنى الثالث لأنه . كالأصل ، ويقال مثل ذلك في الأخلاق الأوديمية أي أن ليس هناك ما يؤيد المعنى الأول أو الثاني .. أما الكتب السياسية فهي كتاب السياسة ، وكتاب النظم السياسية وهو مجموعة دساتير نحو ١٥٨ مدينة يونانية لم يصل إلينا منها سوى دستور أثينا وجد في مصر على بردى سنة ۱۸٩٠ . ه ) الكتب الفنية وهي : الخطابة ، والشعر - وتذكر له كتب أخرى أثبت النقد أنها منحولة : منها كتاب العالم كان قد ضم إلى كتاب السماء ولقيا بالسماء والعالم ولكن فيه آراء رواقية تخرجه من المجموعة الأرسطوطالية , ومنها تدبير المنزل ، وكتاب السائل يتناول مسائل مختلف العلوم وهو يرجع إلى المدرسة ، وكتاب « في مليسوس وأكسانوفان وغورغياس ، وهو بقلم أرسطوطالي من أهل القرن الأول للميلاد ( انظر ما قلناه في الحاشية على عدد ١٥-ب ) وكتاب المناظر ، وكتاب الخطوط ، وكتاب فيضان النيل ، وكتاب اللاهوت المعروف عند الإسلاميين « بأونولوجيا أرسطوطاليس » وهر مجموعة مقتطفات من أفلوطين . – ويتبين من هذا الفهرس أن مؤلفات أرسطو . -- موسوعة كبرى انتظم فيها العلم القديم بأكمله ماعدا الرياضيات . ولئن بليت أجزاء منها بتقدم العلوم ، فإن كتبه الفلسفية وكثيراً من نظرياته المنبثة في كتبه الجزئية $ ١٤٨ --- خالدة ليس فقط من حيث أهميتها التاريخية ، بل أيضاً وعلى الأخص من حيث قيمتها الذاتية . ٤٦ - أسلوبه : ا كان القدماء معجبين بكتابة أرسطو ، وقد قال شيشرون : إن أسلوبه يتدفق كنهر من تبر . ولا شك أن هذا الإعجاب كان منصبا على مصنفاته الأولى فإن كتبه العلمية جافة مجهدة موضوعة بلغة دقيقة لا تخلو من الاقتضاب والغموض ، وليس فيها حوار ولا قصص ولا شيء مما يتميز به أسلوب أفلاطون . وكان أرسطو قد دل على هذا الاتجاه منذ المرحلة الأولى ، إذ قسم الحوار نسبيا ضئيلاً وللشرح النصيب الأوفر . على أن الكتب العلمية تحمل البينات على صدق إعجاب القدماء فكتبه في الجدل والشعر والخطابة تدل على تقلعه من الثقافة اليونانية بجميع فنونها ، وعلى رسوخ قدمه في الأدب رسمي ذوقه . ثم هو قد عنى عناية عظيمة بتحديد معانى الألفاظ ، ووضع ألفاظاً جديدة في العلوم وفي الفلسفة ذاعت في ونقلت إلى اللغات الأوروبية و إلى اللغة العربية بحيث : أن يقال إنه الواضع الحقيقي للغة العلمية العامة . به . أما أسلوبه في التأليف قله مراحل أربع : فهو أولاً يمين موضوع البحث ثم يسرد الآراء في هذا الموضوع ويمحصها ( وهو بالفعل قد جهد نفسه للوقوف على الآراء في جميع فروع العلم ) ثم يسجل «الصعوبات» ) أي المسائل المشكلة في الموضوع ويستقصيها للنهاية ، وأخيرا ينظر في المسائل أنفسها ، ويفحص عن حلولها مستعيناً بالنتائج المستخلصة في المراحل السابقة . وإليك (1) (۱) وتعريف و الصعوبة ، أنها وضع رأيين متعارضين لكل منهما حجته في الجواب عن مسألة بينها . كتاب الجدل م ٦ ف 6 ص ١٤٥ ع مبه س ۰۱۷ www بما تقدم : « من الضروري أن يبدأ العلم بالفحص عن مسائله لأن العقل إنما يبلغ إلى الاطمئنان بعد حل الصعوبات التي اعترضته ، ثم لأن الباحث الذي لا يبدأ بوضع المسألة كالماشي الذي لا يدرى إلى أى جهة هو متوجه ، بل هو مستهدف لعدم معرفة إن كان قد وجد ما يبحث عنه أم لم يجد من حيث أنه لا يتوخى غاية ، وأما الذي يبدأ بمناقشة الصعوبات فهو الذي يستطيع أن يمين لنفسه علية ، والذي يسمع الحجج المتعارضة جميعها يكون موقفه أفضل للحكم » ) . والتعيين الموضوع ميزة أخرى هي تعيين نوع الدليل الذي يلائمه ، فإن « البعض لا يقبل إلا لغة رياضية ، والبعض لا يريد إلا أمثلة ، والبعض يريد الاستشهاد بالشعر ، والبعض يحتم في كل بحث برهاناً محكماً ، بينها غيره يعتبر هذا الإحكام إسرافاً . . . ( ولكن يجب أن يبدأ بتعرف مقتضيات كل نوع من العلم . . . . فلا تقتضى الدقة الرياضية في كل موضوع ، و إنما فقط في الكلام على المجردات ، ولذلك فانهج الرياضي لا يصلح للعلم الطبيعي لأن العلبيعة تحتوى على المادة () . (۱) مابعد الطبيعة م ٣ ف ١ ص ٤٩٩٥ ١ ص ٢٤ - ص۹۹۰ ع مه س 4 باختصار . (۲) - ۲۴ ۳ ص ۴٩٩٥ ۱ س ه -- ۱۷ باختصار